٢٥٧١ - وعن أبي الطفيل، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبل المحجن. رواه مسلم.
٢٥٧٢ - وعن عائشة، قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج. فلما كنا بسرف طمثت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال:((لعلك نفست؟)) قلت: نعم. قال:((فإن ذلك شيء كتبه الله علي بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج؛ غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)) متفق عليه.
ــ
هو عصا معقفة الرأس كالصولجان، والميم زائدة. ((قض)) فيه دليل علي جواز الطواف راكباً، والمشي فيه أفضل، وإنما ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع؛ لأن الناس غشوه، وازدحموا عليه، فركب ليشرف لهم ويراه القريب والبعيد، وأن الطائف إذا عسر عليه الاستلام باليد، فله الاستلام بسوط ونحوه.
((تو)): لما كان من حق الملوك علي من ينتابهم من الوفود، أن يقبلوا أيمانهم، وكان الحجر للبيت بمثابة اليد اليمنى، شرع التقبيل للوافدين إليه إقامة لشرط التعظيم، فإن منع مانع فالسنة فيه أن يشير إليه بيده، ثم يقبل يده، والمعنى: إني رمت التقبيل فحجزني عنه حاجز، فها أنا أقبل اليد التي تشرفت بالإشارة إليك مكان ما قد فاتني، وقد وجد في تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم المحجن من التعظيم ما لا يوجد في تقبيل اليد نفسها؛ لأنه أبلغ في بيان القصد.
الحديث الثاني عشر عن عائشة: قوله: ((لا نذكر)) أي لم يخطر ببالنا غير الحج.
وقوله:((غير أن لا تطوفي)) استثناء من المفعول به، و ((لا)) زائدة لتأكيد النفي. قوله:((بسرف)) ((مح)): هو- بفتح السين المهملة وكسر الراء- ما بين مكة والمدينة بقرب مكة علي أميال منها، قيل: ستة أميا أو أكثر إلي اثني عشر ميلاً، وقوله:((طمثت)) هو بفتح الطاء وكسر الميم، أي حضت و ((نفست))، أي حضت- بفتح النون وضمها- والفتح أفصح، وأما الولادة فيقال فيه: نفست بالضم لا غير.
وقوله:((هذا شيء كتبه الله علي بنات آدم)) تسلية لها وتخفيف، أي ليست مختصة به، بل كل بنات آدم مبتلاة به. وفي قوله:((فافعلي ما يفعل الحاج)) دليل علي أن الحائض والنفساء والمحدث والجنب يصح منهم جميع أفعال الحج، وأقواله وهيئاته، إلا الطواف. واختلفوا في علة المنع من الطواف، فمن شرط الطهارة للطواف، كمالك والشافعي وأحمد، قال: العلة في بطلان طواف الحائض عدم الطهارة، ومن لم يشترطها كأبي حنيفة قال: العلة فيه كونها ممنوعة من اللبث في المسجد.