العمل يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه؟ فقال: ((سددوا وقاربوا؛ فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل)).
ــ
فإن قلت: قد ذكرتم أن حكم الله تعالى لا يتغير فما القول في ((يمحو الله ما يشاء ويثبت))؟
قلت: قوله: ((لكل أجل يمحو الله ما يشاء ويثبت)) إشارة إلى القضاء ((وعنده أم الكتاب)) إلى القدر, المعنى: لكل انتهاء مدة وقت مضروب, فمن انتهى أجله يمحوه, ومن بقي من أجله يبقيه على ماهو مثبت فيه, وكل ذلك مثبت فيه, وكل ذلك مثبت عند الله تعالى في ((أم الكتاب)).
وقوله: ((سددوا)) اجعلوا أعمالكم مستقيمة على طريق الحق, ((وقاربوا)) اطلبوا قربة الله وطاعته بقدر متطيقونه, وهذا الجواب من الأسلوب الحكيم, أي فيم أنتم من ذكر القدر, وإنما خلقتم للعبادة فاعملوا, وسددوا, وقاربوا, وإليه لمح ما قال الشاعر:
أتت تشتكي عندي مزاولة القرى وقد رأت الضيفان ينحون منزلي
فقلت كأني ما سمعت كلامها هم الضيف جدي في قراهم وعجلي
قوله: ((فرغ ربكم)) ((شف)): أي قدر أمرهم, وذلك أنه لما قسم العياد قسمين, وقجر لكل ثسم على التعيين أن يكون من أهل الجنة, أو من أهل النار, وعينهم تعيننا لا يقبل التغيير والتبديل, فكأنه فرغ من أمرهم, وإلا فالفراغ لا يجوز على الله تعالى.
قوله: ((قال بيده)) أي أشار, ((نه)): العرب تجعل القول: عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه على غير الكلام واللسان فتقول: ((قال بيده)) أي أخذ, و ((قال برجله)) أي مشى:
وقالت له العينان سمعا وطاعة وحدرتا كالدر لما يثقب
أي أو مأت, و ((قال بالماء على يده)) أي قلب, و ((قال بثوبه)) أي رفعه.