من منى إلي عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه. متفق عليه.
٢٥٩٣ - وعن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، فانحروا
في رحالكم. ووقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف. ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف)). رواه مسلم.
٢٥٩٤ - وعن عائشة، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار؛ من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء)). رواه مسلم.
ــ
الفصل الأول
الحديث الأول عن محمد: قوله: ((ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه)) ((مظ)): هذا رخصة يعني لا حرج في التكبير، بل يجوز كسائر الأذكار، ولكن ليس التكبير في يوم عرفة سنة للحاج، بل السنة التلبية إلي رمي جمرة العقبة يوم النحر؛ وأما لغير الحاج في سائر البلاد، فالتكبير يوم عرفة سنة عقيب الصلوات من صبح يوم عرفة إلي صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((ومنى كلها منحر)) حال، وبيان أن منحره صلى الله عليه وسلم حينئذ غير مختص بالمنحر، بل منى كلها منحر، قوله:((نحرت هاهنا)) أولاً إشارة إلي منى، وثإنياً ((ووقفت هاهنا)) إشارة إلي عرفة. فإن قلت: إنما يشار بـ ((هاهنا)) إلي المكان القريب الذي يكون المشير حالة الإشارة فيه، فكيف تصح هاتان الإشارتان في حالة واحدة، إذ لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن إذ ذاك في ذينك المكإنين؟ قلت: الجواب من وجهين، أحدهما: أنه يجوز أن يكون كل من الإشارتين صدرت عنه في الموضع المشار إليه، والآخر: أ، يكون مستحضراً لصورة المكان الذي لم يكن فيه في خيال المخاطب، فأشار بذلك الاعتبار. قوله:((وجمع)) ((نه)): هو علم للمزدلفة، وسمي به لاجتماع آدم وحواء عليهما السلام فيه، كذا جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما.
الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ما من يوم أكثر)) ((ما)) بمعنى ليس،
واسمه ((يوم)) و ((من)) زائدة و ((أكثر)) خبره و ((من)) الثانية أيضاً زائدة، و ((من يوم عرفة)) متعلق بـ
((أكثر)) أي ليس يوم أكثر إعتاقاً فيه من يوم عرفة. قوله:((ليدنو)) ((قض)): لما كان الحج
عرفة، والحج يهدم ما قبله، كان ما في يوم عرفة من الخلاص عن العذاب، والعتق من النار