٢٥٩٥ - عن عمرو بن عبد الله بن صفوان، عن خال له يقال له يزيد بن شيبان، قال: كنا في موقف لنا بعرفة يباعده عمرو من موقف الإمام جداً، فأتانا ابن مربع الأنصاري فقال: إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم يقول لكم: ((قفوا علي مشاعركم، فإنكم علي إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام)). رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه [٢٥٩٥]
ــ
أكثر ما يكون في سائر الأيام، ولما كان الناس يتقربون إلي الله تعالي في ذلك اليوم بأعظم القربات، والله سبحانه أبر بهم، وألطف منه في سائر الأيام عبر عن هذا المعنى بالدنو منهم في الموقف، أي ليدنوا منهم بفضله ورحمته. ((ثم يباهي بهم)) أي يفاخر، والمعنى أنه يحلهم من قربه وكرامته محل الشيء المباهي به.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عمرو: قوله: ((كنا في موقف لنا)) ((تو)) و ((قض)): أي في موقف كان لنا في قديم الزمان يقف أسلافنا فيه قبل الإسلام. قوله:((يباعده عمرو)) أي يجعله بعيداً بوصفه إياه بالبعد، و ((جداً)) نصب علي المصدر، أي يجد في التبعيد جداً، والتباعد يجيء في كلامهم بمعنى التبعيد، وبه ورد التنزيل {ربنا باعد بين أسفارنا} وقوله: ((فأتانا ابن مربع)) بكسر الميم، يريد زيد بن مربع الأنصاري من بني حارثة، والمشاعر جمع مشعر، يريد بها مواضع النسك، سميت بذلك، لأنها معالم العبادات. وقوله:((فإنكم علي إرث من إرث أبيكم)) علة للأمر بالاستقرار والتثبيت علي الوقوف في مواقفهم القديمة، علل ذلك بأن موقفهم موقف إبراهيم، متبع لطريقته وإن بعد موقفه عن موقف النبي صلى الله عليه وسلم. أراد بذلك إعلامهم أن عرفة كله موقف حتى لا يتوهموا أن الموقف ما اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لا غير، ولا يتنازعوا في المواقف، ولا يتشاجروا عليها.
أقول: إنما قيل: ((علي إرث من إرث أبيكم)) وقطع من الإضافة ابتداء، ولم يقل:((علي إرث أبيكم)) فنكر ثم بين، ليفيد ضرباً من التفخيم والتعظيم، كأنهم حقروا شأن موقفهم، لبعده من موقف انبي الله صلى الله عليه وسلم فعظمه صلى الله عليه وسلم ذلك التعظيم، ونسبه إلي خليل الله عليه السلام تسلية لقلوبهم، واغتباطاً بما كانوا عليه.