٢٦٢٣ - عن قدامة بن عبد الله بن عمار، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النحر علي ناقة صهباء، ليس ضرب ولا طرد، وليس قيل: إليك إليك. رواه الشافعي، والترمذي، والنسائي. وابن ماجه والدارمي. [٢٦٢٣]
٢٦٢٤ - وعن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله)). رواه الترمذي، والدارمي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. [٢٦٢٤]
ــ
الحديث الخامس عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((الاستجمار تو)) ((مح)): التو- بفتح التاء المثناة فوق وتشديد الواو- الوتر، والمراد بـ ((الاستجمار)) الاستنجاء. قال القاضي عياض: قوله في آخر الحديث: ((وإذا استجمر أحدكم فليستجمر)) ليس بتكرير، بل المراد بالأول الفعل، وبالثاني عدد الأحجار. والمراد ((بالتو)) في الجمار سبع، وفي الطواف والسعي سبع سبع، وفي الاستنجاء ثلاث.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن قدامة: قوله ((صهباء)) ((نه)): الأصهب الذي يعلو لونه صهبة، وهي كالشقرة. و ((إليك إليك)) أي تنح وابعد، وهذا كما يقال: الطريق الطريق، وتكريره للتأكيد، المعنى لا ضرب هناك، ولا قول: إليك إليك. ((قض)): أي ضم إليك ثوبك، وتنح عن الطريق.
الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((إنما جعل رمي الجمار)) ((فا)): في الحديث أن آدم عليه السلام رمى إبليس بمنى، فأجمر بين يديه، فسميت الجمار به الجمار، أي أسرع. أقول: قد مر أن ((إنما)) وضعت للحصر، وإثبات الحكم للمذكور، ونفيه عما سواه، فدل الحديث علي أن شرعية السعي والرمي ليست إلا لإقامة ذكر الله لا غير، فالعاقل الفطن إذا تفكر في السعي والرمي يتحير، ولم يفهم منهما شيئاً إلا التعبد المحض، ويرى عقله وفطنته معزولين مضمحلين عند تلك الحركات، فلا يرى غير الله، ولا يذكر سواه، فيتقرر عند ذلك معنى قوله تعالي:{قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} فإذا كان القصد في مثل تلك الحركات، هو ذكر الله تعالي، فما بال غيرها من الحركات المناسبة له؟ والله أعلم.