٢٦٤٩ - وعن يحى بن الحصين، عن جدته، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثاً، وللمقصرين مرة واحدة. رواه مسلم.
٢٦٥٠ - وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى منى، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى، ونحر نسكه، ثم دعا بالحلاق، وناول الحالق شقه الأيمن، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري، فأعطاه إياه، ثم ناول الشق الأيسر، فقال:((احلق)) فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال:((اقسمه بين الناس)). متفق علية.
ــ
يا رسول الله! ما بال المحلقين، ظاهرت لهم بالترحم؟ قال:((لأنهم لم يشكوا)). ووجه فضيلة الحلق علي التقصير أن المقصر مبق علي نفسه الزينة من الشعر، والحاج مأمور بترك الزينة؛ ولأنه أدل علي صدق النية في التذلل لله تعالي. والمذهب المشهور أن الحلق أو التقصير نسك من مناسك الحج والعمرة، وركن من أركانهما لا يحصل واحد منهما إلا به، وعليه اتفقت الجمهور. وللشافعي قول شاذ ضعيف: أنه استباحة محظور كالطيب واللباس وليس بنسك، والصواب الأول، والمشروع في حق النساء التقصير، وأقله ثلاث شعرات، ويكره لهن الحلق والأفضل في الحلق والتقصير أن يكون بعد رمي جمرة العقبة، وقد ذبح الهدي عن كان معه سواء كان قارناً أو مفرداً.
الحديث الخامس عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((نحر نسكه)) ((تو)): نسك جميع نسيكة، وقيل: مصدر، والمصادر تقام مقام الأسماء المشتقة منها، فتطلق علي الواحد والجمع، وأكثر ما نجده في الحديث بتخفيف السين، وفي الحديث يجوز أن يحمل علي الواحد؛ لأنه كان ينحر الواحد بعد الواحد، ويجوز أن يحمل علي الجمع؛ لأنه تحر يومئذ بيده ثلاثاً وستين بدنة، وكأنه راعي بهذه العدة سني عمره صلى الله عليه وسلم. وإنما قسم الشعر في أصحابه؛ ليكون بركة باقية بين أظهرهم وتذكره لهم، وكأنه أشار بذلك إلي اقتراب الأجل وانقضاء زمان الصحبة، وأرى أنه خص أبا طلحة بالقسمة التفاتاً إلي هذا المعنى؛ لأنه هو الذي حفر قبره ولحد له وبنى فيه اللبن. ((مح)): اختلفوا في اسم الحلاق، والصحيح المشهور أنه معمر بن عبد الله العدوى.
وقيل: اسمه فراس بن أمية بن ربيعة الكلبي بضم الكاف. وفيه استحباب بدئه الحلق بالجانب الأيمن، وقال أبو حنيفة: يبدأ بالجانب الأيسر. وفيه أن شعر الآدمي طاهر، وهو الصحيح.
وفيه جواز التبرك بشعره واقتنائه، ومواساة الإمام والكبير بين أصحابه وأتباعه فيما يفرقه عليهم من عطائه. قوله:((شقه الأيمن [فحلقة] *)) أي قال: احلق فحلقه، تدل علي المحذوف القرينة الآتية. فإن قلت: لم حذف في الأولي وذكر في الثانية؟ قلت: ليدل علي سرعة امتثال الحالق،