٢٦٧٠ - عن عمرو بن الأحوص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: ((أي يوم هذا؟)) قالوا: يوم الحج الأكبر. قال:((فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمه يومكم هذا في بلدكم هذا، إلا لا يجني جان علي
ــ
النفر لم يشرع في تلك الليلة. قوله: ((ما أرإني إلا حابستكم)) ((فا)): مفعولا ((أرى)) الضمير والمستثنى و ((إلا)) لغو. ((شف)): يحكى علي أن لا يجعل الاستثناء لغواً، والمعنى ما أرإني علي حالة أو صفة كوني حابستكم. أقول: لم يرد باللغو أن ((إلا)) زائدة، بل أن المستثنى معمول الفعل المذكور؛ ولذلك سمى مفرغاً. ((قض)): ظنت صفية أن طواف الوداع كطواف الزيارة في تمام الحج، وأنه لا يجوز تركها بالأعذار، فقالت:((ما أرإني)) أي ما أظنني (إلا حابستكم)) أي عن الرحلة إلي المدينة، فتوهم رسول الله، أنها قالت قولها؛ لأنها قصرت فلم تطف للزيارة، ولذلك دعا عليا، فسأل أنها هل طافت يوم النحر؟ فلما علم أنها طافت للزيارة أمرها بالنفار.
((شف)): عدل عن خطابها إلي غيرها، فقال:((أطافت)) فلما: ((فأنفرى)).
قوله:((عقري حلقي)) ((خط)): هكذا روي علي وزن فعلي بفتح الفاء مقصور الألف، وحقها أن يكون منوناً، ليكون مصدراً، أي عقرها الله عقراً، وحلقها حلقاً، ومعنى العقر التجريح والقتل، وقطع عقب الرجل، والحلق إصابة وجع في الحلق، أو ضرب شيئ علي الحلق. وهذا دعاء لا يراد وقوعه، بل عادة العرب التكلم بمثل هذا في سبيل التلطف. ((فا)): هما صفتان للمرأة إذا وصفت بالشؤم، يعني أنها تحلق قومها وتقرهم أي تستأصلهم من شؤمها عليهم، ومحلها رفع أي هي عقري حلقي. قال أبو عبيدة: الصواب ((عقري حلقي)) أي عقر جسدها وأصيبت بداء في حلقها. قال سيبويه: عقرته إذا قلت له عقراً، وهذا نحو فديته.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عمرو بن الأحوص: قوله: ((ألا لا يجني جان إلا علي نفسه)) ((قض)): ((لا يجني)) خبر في معنى النهي، وفيه مزيد تأكيد؛ لأنه كأنه نهاه فقصد أن ينتهي فأخبر عنه، وهو الداعي إلي العدول عن صيغة النهي إلي صيغة الخبر. ونظيره إطلاق لفظ الماضي في الدعاء، ولمزيد التأكيد والحث علي الانتهاء، أضاف الجناية إلي نفسه، والمراد به الجناية علي الغير، بيانه أن الجناية علي الغير لما كانت سبباً للجناية عليه اقتصاصاً ومجازاة، كانت كالجناية علي نفلسه، فأبرزها علي ذلك ليكون أدعى إلي الكف وأمكن في النفس؛ لتضمنه ما يدل علي المعنى الموجب للنهي. ودليل هذا التأويل: أنه روى في بعض طرق هذا الحديث: ((ألا لا يجني جان إلا علي نفسه)). أقول: يمكن أن ينزل علي حقيقته من الإخبار؛ كأنه صلى الله عليه وسلم