ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فيلبس خفين ولقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه زعفران ولا ورس)) متفق عليه. وزاد البخاري في رواية ((ولا تنتقب المرأة المحرمة، وال تلبس القفازين)).
قوله:((فقال: لا تلبسوا)) ((قض)): سأل الرجل عما يجوز لبسه، فأجاب عنه بعد ما لا يجوز له لبسه؛ ليدل بالالتزام من طريق المفهوم علي ما يجوز. وإنما عدل عن الجواب المطابق إلي هذا الجواب؛ لأنه أخصر وأحضر؛ فإن ما يحرم أقل وأضبط مما يحل؛ أو لأنه لو قال: يلبس كذا وكذا، فربما أوهم أن لبس شيء مما عدده من المناسك، وليس كذلك؛ فعدل إلي ما لا يوهم ذلك؛ أو لأن السؤال كان من حقه أن يكون عما لا يلبس؛ لأن الحكم العارض المحتاج إلي البيان هو الحرمة، وأما جواز ما يلبس فئابت بالأصل معلوم بالاستصحاب؛ فلذلك أتى بالجواب علي وفقه تنبيها علي ذلك. وفي عطف البرانس علي العمامة دليل علي أن المحرم ينبغي أن لا يغطي رأسه بمعتاد اللباس وغيره. وحاصل الحديث أنه يحرم علي الرجل المحرم لبس المخيط والمطيب وستر الرأس بالعمائم ونحوها. والدليل علي اختصاص الحكم بالرجال توجيه الخطاب نحوهم، فإن واو الضمير وإن استعمل متناولا للقبيلين علي التغليب، فإن الظاهر فيه اختصاصه بالمذكرين. وعطف قوله:((ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين)) عليه.
((نه)): البرنس كل ثوب رأسه منه يلتزق من ذراعه أو جبة. وقال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان النساء يلبسونها في صدر الإسلام، وهو من البرس- بكسر الباء- القطن، والنون زائدة، و ((الورس)) نبت أصفر يصبغ به. و ((القفاز)) - بالضم والتشديد- شيء تلبسه نساء العرب في أيديهن؛ يغطي الأصابع والكف والساعد من البرد. ويكون فيه قطن محشو.
((مح)): الجواب من بديع الكلام وجزيله؛ فإنه صلى الله عليه وسلم سئل عما يلبسه المحرم فقال: لا يلبس كذا وكذا، وكان التصريح بما لا يلبس أولي؛ لأنه منحصر، ودليله أنه نبه بالقميص والسراويل علي جميع ما في معناهما، وهو ما كان مخيطاً أو معمولا علي قدر البدن أو العضو كالجوشن والران والبتان وغيرها. ونبه صلي الله عليه والسلام بالعمائم والبرإنيس علي كل ساتر للرأس مخيطاً كان أو غيره، حتى العصابة فإنها حرام. ونبه صلى الله عليه وسلم بالخفاف علي كل سائر للرجل من مداس وجمجم وجورب وغيرها. وهذا كله حكم الرجال. وأما المرأة فيباح لها ستر جميع بدنها بكل ساتر إلا وجهها؛ فإنه حرام. وفي ستر يديها بالقفازين خلاف، والأصح عند الشافعي تحريمه. ونبه، بالورس والزعفران علي ما في معناهما مما يقصد به الطيب فهو حرام علي القبيلين، فيكره للمحرم لبس الثواب المصبوغ بغير طيب. وأما الفواكه كالأترج والتفاح وأزهار البراري كالشيح