١٠٠ - وعن أبي موسى, قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إ، الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض, فجاء بنو آدم على قدر الأرض, منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك, والسهل والحزن, والخبيث والطيب)) رواه أحمد والترمذي وأبو داود. [١٠٠].
١٠١ - وعن عبد الله بن عمرو, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله خلق خلقه في ظلمة, فألقى عليهم من نوره, فمن أصابه من ذلك النور اهتدى,
ــ
الحديث السادس عن أبي موسى الأشعري رضي اله عنه: قوله: ((من قبضة))) وهي ما يضم عليه الكف من كل شيء, و ((من)) إذا كان متعلقا ب ((خلق)) تكون ابتدائية أي ابتداء خلقه من قبضة, وإذا كان حالا من ((آدم)) يكون بيانية, والقبضة هاهنا مطابقة لما في قوله تعالى: {والأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ} في بيان عظمة الله سبحانه وتعالى وجلالة قدره, وأن المكونات الآفاقية والأنفسية منقادة لإرادته, ومسخرات بأمره, فإذا ورد عليها ((كن)) فكانت بما شوهد من الإنسان, وقبضة الشيء على السهولة تسخيرا له.
قوله: ((على قدر الأرض)) أي مبلغها من الأكوان, ولما كانت الأوصاف الأربعة من الأمور الظاهرة في الإنسان, والأرض أجريت على حقيقتها, وتركت الأربع الأخيرة مفتقرة إلى تأويل؛ لأنها من الأخلاق الباطنة؛ فإن المعني ب ((السهل)) الرفق واللين, وب ((الحزن)) الخرق والعنف, وب ((الطيب)) الذي يعني به الأرض العذبة الؤمن الذي نفع كله, وب ((الخبيث)) الذي يراد به الأرض السبخة الكافر الذي هو ضر وخسران في الدارين, قال تعالى: {والْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإذْنِ رَبِّهِ والَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إلَاّ نَكِدًا} والذي سيق له الكلام في الحديث هو الأمور الباطنة؛ لأنها داخلة في حديث القدر ((من الخير والشر)) وأما الأمور الظاهرة من الأكوان وإن كانت مقدرة فلا اعتبار لها فيه, والله أعلم.
الحديث السابع عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: قوله: ((خلق خلقه)) أي الثقلين – من الجن, والإنس – ((في ظلمة)) أي كائنين في ظلمة النفس الأمارة بالسوء المجبولة بالشهوات