٢٦٨٣ - وعن يزيد بن الأصم، ابن أخت ميمونة، عن ميمونة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال. رواه المسلم.
قال الشيخ الإمام محيي السنة رحمه الله: والأكثرون علي أنه تزوجها حلالاً.
وظهر أمر تزويجها وهو محرم، ثم بنى بها وهو حلال بسرف في طريق مكة.
ــ
والذي وجدناه الأكثر فيما يعتمد عليه من روايات الأثبات هو الرفع في تلك الكلمات، وقد ذهب الأكثرون من فقهاء الأمصار لاسيما من أصحاب الحديث إلي أن المراد منه النهي، وإن روى علي صيغة الخبر.
((مح)): اختلف العلماء لحديث عثمان رضي الله عنه هذا وحديث ابن عباس الذي يليه في نكاح المحرم، فقال مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة ومن بعدهم: لا يصح نكاح المحرم، واعتمدوا علي أحاديث, وقال أبو حنيفة والكوفيون: يصح نكاحه، لحديث ميمونة. ((تو)): وأصحاب أبي حنيفة رأوا حديث ابن عباس أقوى الحديثين؛ لما بين راويية أعنى ابن عباس ويزيد بن الأصم من الفضل والعلم. ثم إن القوم يرون حديث عثمان رضي الله عنه محتملا للتأويل، لاسيما وقد روي علي صيغة الإخبار؛ فيكون المراد منه أن النكاح والإنكاح ليسا من شأن المحرم؛ فإنه في شغل شاغل عن ذلك، وقصد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كف المحرم، وتقتير رغبته عن النكاح والإنكاح والخطبة؛ لكونها مدعاة إلي هيجان الشهوة، ولم يقصد تحريمه، وعلي هذا الوجه يخرج أيضاً معناه في صيغة النهي. وإذ قد بينا أن حديث يزيد ابن الأصم لا يقاوم حديث ابن عباس؛ لتفاوت ما بين الراويين من الفضل والعلم، فنقول: إن الصحة بل يزيد عليه، ثم إن حديث ابن عباس ليس للتأويل فيه مجال، وحديث عثمان محتمل للتأويل علي ما ذكرنا؛ فليس لنا أن نعدل عن التوفيق بين الحديثين إلي غير ذلك. ولسنا نسعى في نصرة المذهب والقيام بحكم العصبية، بل نجتهد في نفي التضاد عن سنن الرسول ما أمكننا؛ فإن التوفيق بين المختلف أحق وأولي من أن يرد أحدهما بالآخر، والذي ذكرناه من أحسن ما يتوصل به إلي ذلك، والله أعلم.
أقول: كما أنه- رحمه الله- رجع حديث ابن عباس علي حديث يزيد؛ لفضله عليه، كذلك نرجع عثمان رضي الله عنه علي ابن عباس؛ لما لا ينكر تفضيله عليه، وكما رجع حديث ابن عباس، وقال: لأنه لا يقصر عنه في درجة الصحة، كذلك نرجح حديث عثمان لاعتضاده بحديث يزيد وبحديث أبي رافع في آخر الفصل الثالث، وحسنه الترمذي.
وأما قوله: حديث عثمان محتمل للتأويل، فتقول به لكن علي غير ما أوله؛ لأن استعمال