٢٦٩٨ - وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((خمس لاجناح علي من قتلهن في الحرم والإحرام: الفأرة، والغراب، والحدأة، والعقرب، والكلب العقور)). متفق عليه.
٢٦٩٩ - وعن عائشة، عن النبي صل الله عليه وسلم، قال:((خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحديا)) متفق عليه.
ــ
ما دل عليه الضمير المجرور بـ ((من)). وتكلف بعض النحويين الإجابة عن هذا، بأن قال: لم يسر بها، ولكن شعرت بالعذاب فتبعتهم، ثم التفتت وهلكت. وعلي تقدير صحة هذا فلا يوجب ذلك دخولها في المخاطبين، بقوله:
{لا يلتفت منكم أحد} وهذا والحمد لله بين، والاعتراف بصحته متعين. ويجوز أن يحذف في هذا النوع من الاستثناء خبر المبتدأ، كما ورد:((كل أمتي معافي إلا المجاهرون))، أي لكن المجاهرون بالمعاصي لا يعافون. ومنه قوله تعالي:{فشربوا منه إلا قليل منهم} أي لكن قليل منهم لم يشربوا.
الحديث لثإني عن أبي قتادة: قوله: ((فعقره)) أي فقتله، وأصل العقر ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم.
الحديث الثالث والرابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((خمس)) ((مح)): روى بالتنوين وبالإضافة. أقول: إن روى منونا و ((فواسق)) مرفوعاً يكون مبتدأ موصوفاً و ((يقتلن)) خبره، وإن روى منصوباً يكون ((خمس)) صفة موصوف محذوف، و ((يقتلن)) خبره، و ((فواسق)) معترضة نصباً علي الذم. ((نه)): أصل الفسوق الخروج عن الاستقامة والجور، وبه سمى العاصي فاسقاً، وإنما سميت فواسق علي الاستعارة؛ لخبثهن، وقيل: لخروجهن من الحرمة في الحل والحرم، أي لا حرمة لهن بحال. و ((الأبقع)) ما خالط بياضه لون آخر، و ((العقور)) من أبنية المبالغة، وهو كل سبع يعقر أي يجرح ويقتل ويفترس كالأسد والنمر والذئب، سماها كلباً لاشتراكها في السبعية، و ((الحديا)) هي تصغير الحدأة واحد الحدأ، وهو الطائر المعروف من الجوارح.
((مح)): اتفق العلماء علي أنه يجوز للمحرم قتلهن وما في معناهن، ثم اختلفوا فيما يكون في معناهن، فقال الشافعي: المعنى في جواز قتلهن كونهن مؤذيات، فكل مؤذ يجوز للمحرم قتله وما لا فلا، ويجوز أن يقتل في الحرم كل من وجب عليه قتل بقصاص، أو رجم بالزنا أو قتل بالمحاربة، ويجوز إقامة كل الحدود فيه، سواء [أحرم في الحج] أو خارجه ثم ألجئ إليه، وهو مذهب مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: ما ارتكبه في الحرم يقام عليه، وما فعله خارجه ثم لجأ إليه إن كان إتلاف نفس لم يقم عليه في الحرم، بل يضيق عليه ولا يكلم ولا يجالس ولا يبايع، حتى يضطر إلي الخروج منه، وما كان دون النفس يقام فيه.