للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثالث

٢٧٢٦ - عن أبي شريح العدوي، أنه قال لعمرو بن سعيد، وهو يبعث البعوث إلي مكة: ائذن لي أيها الأمير! أحدثك قولاً به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح، سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به: حمد لله وأثنى عليه، ثم قال: ((إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماُ، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول

ــ

الفصل الثالث

الحديث الأول عن أبي شريح: قوله: ((يبعث البعوث)) وهي جمع بعث بمعني مبعوث الجماعة من الجند الذي يرسله الأمير إلي قتال وفتح بلاد. قوله: ((قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم)) صفة للمصدر الذي هو بمعنى التحديث، و ((قام)) بمعنى القول، وإنما يقال: قام به إذا كان لذلك القول شأن وتفخيم.

((غب)): كثير من الأفعال التي حث الله علي توفية حقه ذكره بلفظ الإقامة كقوله تعالي: {يقيمون الصلاة}، {ولو أنهم أقاموا التوراة} {وأقيموا الوزن بالقسط} وكذا قوله: ((سمعته أذناي)) صفة أخرى. ((مح)): أراد بهذا كله المبالغة في تحقيق حفظه إياه. أقول: وإنما يقال هذا في أمر يعظم مناله ويعثر الوصول إليه. فيؤكد السمع بالأذن والحفظ بالقلب والإبصار بالعين؛ ليؤذن بنيله وتحققه. و ((حمد لله)) بيان لقوله: ((تكلم)).

قوله: ((ولم يحرمها الناس)) ((مح)): أي إن تحريمها بوحي الله، لاباصطلاح الناس عليه بغير أمر الله. أقول: إنما وصف قوله: ((لامرئ)) بالإيمان؛ ليشعر بالعلية، يعني من شأن المؤمن بالله أن لا يخالف أمر الله، ولا يحل ما حرمه الله.

قوله: ((فإن أحد ترخص)) ((ترخص)) مفسر لرافع ((أحد) كقوله تعالي: {وإن أحد من المشركين استجارك}. وقوله: ((فقولوا)) جواب الشرط، والجملة من الجواب العتيد الذي هيئ قبل مساس الحاجة إليه، فهو أقطع للخصم وأرد لشغبة؛ ولهذا أدرج النظار في أثناء مناظرتهم العمل بالمقتضى الذي هو كذا السالم عن معارضة كذا، فيسلقون دار المعارض قبل الخصم له، فلما سمع عمرو ذلك، رده بقوله: أنا أعلم بذلك منك، يعني صح سماعك وحفظك، وإيرادك المعارضة علي الخصم، لكن ما فهمت المعنى المراد من المقاتلة، فإن ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>