للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقولوا له: إن الله قد أذن لرسوله، ولم يأذن لكم. وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب)) فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ قال: قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح! إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فارا بدم، ولا فارا بخربة. متفق عليه، وفي البخاري: الخربة: الجناية.

٢٧٢٧ - وعن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها، فإذا ضيعوا ذلك هلكوا)) رواه ابن ماجه. [٢٧٢٧]

ــ

الترخص كان بسبب الفتح عنوة، وليس بسبب قتل من استحقه خارج الحرم، والذي أنا بصدده من القبيل الثاني لا من الأول، فكيف تنكر علي؟ فهو من القول بالموجب. ((مح)): كان ذلك البعث من عمرو بن سعيد إلي مكة لقتال ابن الزبير، وفيه دلالة لمن يقول: فتحت مكة عنوة، وتأويله عند من قول: فتحت صلحا، أنه صلى الله عليه وسلم دخلها متهيئاً للقتال لو احتاج إليه. وقد سبق بيانه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

و ((الخربة)) تروى بفتح الخاء وإسكان الراء، هذا هو المشهور. ويقال: بالضم، وأصلها سرقة الإبل، وتطلق علي كل جناية. وفي صحيح البخاري أنها البلية. وقال الخليل: هي الفساد في الدين، من الخارب وهو اللص المفسد في الأرض. وقيل: هي العيب انتهي كلامه.

فإن قلت: قوله: ((لي)) علي التكلم في قوله: ((وإنما أذن لي)) بعد قوله: ((بقتال رسول الله)) هل يسمى التفاتا؟ قلت: لا؛ لأن السياق في قوله: ((بقتال رسول الله)) حكاية قول المترخص، وسياق هذا البيان الأول الذي تضمنه جواب المترخص، وقضية الالتفات والانتقال من صيغة إلي أخرى تقتضي اتحاد السياق. ويجوز أن يكون التفاتا إذا قدر: فإن ترخص أحد بقتالي، فوضع ((رسول الله)) موضعه تجريدا.

الحديث الثاني عن عياش: قوله: ((هذه الحرمة)) إن كان المشار إليه قد سبق من ذكر حرم الله تعالي، إما بقرينة المقام أو الكلام فلا مقال فيه، وإن كان ما في ذهن المتكلم، فيجب بيانه بعد ذلك، كما في قوله تعالي: {هذا فراق بيني وبينك} وقولك: هذا أخوك. اللهم إلا أن يقال: إن الحرمة المعظمة المعهودة عند العرب قاطبة هي حرمة بيت الله وبلده الحرام؛ ولذلك جعل مقيسا عليه ومشبها به، كما مر مراراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>