٢٧٣٢ - وعن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حرامًا، وإني حرمت المدينة حرامًا ما بين مأزميها أن لا يهراق فيها دمٌ، ولا يحمل فيها سلاحٌ لقتال، ولا تخبط فيها شجرةٌ إلا لعلف)). رواه مسلم.
٢٧٣٣ - وعن عامر بن سعيد: أن سعدًا ركب إلي قصره بالعقيق، فوجد عبدًا يقطع شجرًا، أو يخبطه، فسلبه، فلما رجع سعدٌ جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد علي غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم. فقال: معاذ الله أن أرد شيئًا نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي أن يرد عليهم. رواه مسلم.
ــ
مشارق الأرض ومغاربها، من كنوز كسرى وقيصر وخاقان ما لا يحصى ولا يحصر. وفي آخر الأمر بادر الدين إليها من أقاصي الأرض وشاسع البلاد، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:((مثله معه))، وينصر هذا الحديث حديث أبي هريرة رضي الله عنه بعد هذا ((أمرت بقرية تأكل القرى)) ومكة أيضًا من مأكولها كما سنقرر. والله أعلم.
الحديث الخامس والسادس عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((حرمت المدينة)) ((تو)): أراد بذلك تحريم التعظيم دون ما عداه من الأحكام المتعلقة بالحرم. ومن الدليل عليه قوله في هذا الحديث:((لا يخبط شجرها إلا لعلف))، وأشجار حرم مكة لا يجوز خبطها بحال وصيدها، وإن رأي تحريمه نفر يسير من الصحابة؛ فإن الجمهور منهم لم ينكروا اصطياد الطيور بالمدينة. ولم يبلغنا فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي من طريق يعتمد عليه. وقد قال لأبي عمير:((ما فعل النغير؟))، ولو كان حرامًا لم يسكت عنه في موضع الحاجة. و ((حرامًا)) نصب علي المصدر، أي حرمت المدينة فحرمت حرامًا، كقوله تعالي:{أنبتكم من الأرض نباتًا}. و ((مأزميها)) بدل من ((المدينة))، ويحتمل آن يكون ((حراما)) مفعول فعل محذوف، أي جعلت حرامًا ما بين مأزميها، و ((ما بين مأزميها)) مفعولًا ثإنيا. والمأزم كل طريق بين جبلين.
وقوله:((أن لا يهراق فيها دم)) وقع موقع التفسير لما حرم، كأنه قال: وذلك أن لا يهراق فيها دم، وليس من المفعولية في شيء، ولو كان مفعولًا به لقيل: إني حرمت أن يهراق بها دم، والمراد من النهي عن إراقة الدم هو النهي عن القتال فيها. وذلك أن إراقة الدم الحرام ممنوع عنها علي الإطلاق، والمباح منه لم نجد فيه اختلافًا يعتد به إلا في حرم مكة.
((مح)): في الأحاديت الصحيحة حجة ظاهرة للشافعى ومالك وموافقيهما في تحريم صيد المدينة وشجرها. وأباح أبو حنيفة ذلك، [واحتج عليه] بحديت أبي عمير، وأجاب أصحابنا