٢٧٣٤ - وعن عائشة [رضي الله عنها] قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلالٌ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال:((اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها، وبارك لنا في صاعها، ومدها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة)) متفق عليه.
ــ
بأنه يحتمل أن حديت النغير كان قبل تحريم المدينة، أو أنه صاده من الحل لا من الحرم. وهذا الجواب لا يلزمهم علي أصولهم؛ لأن مذهبهم أن صيد الحل إذا أدخله الحلال إلي الحرم ثبت له حكم ما بالحرم. ولكن أصلهم هذا ضعيف؛ فرد عليهم. والمشهور من مذهب مالك والشافعي والجمهور أنه لا ضمان في صيد المدينة وقطع شجرها، بل حرام بلا ضمان، وقال بعض العلماء: يجب فيه الجزاء كحرم مكة، وللشافعي فيه قول قديم: إنه يسلب القاتل؛ لحديت سعد بن أبي وقاص، وقد ذكر مسلم في صحيحه تحريمها مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، من رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسعد بن أبي وقاص وأنس بن مالك وجابر وأبي سعيد وأبي هريرة وغيرهم، فلا يلتفت إلي ما خالف هذه الأحاديت الصحيحة.
وقال الشيخ: ولا يضر الشافعي مخالفة أئمة الأمصار في قوله القديم، إذا كانت السنة معه وعمل الصحابة به، ولم يثبت له دفع، فعلي هذا في كيفية الضمان وجهان أحدهما: يضمن كما يضمن في حرم مكة، وأصحهما أنه يسلب الصائد وقاطع الشجر والكلأ، وفي السلب وجهان أحدهما: ثيابه فقط، وأصحهما ثيابه وفرسه وسلاحه وغير ذلك مما يدخل في سلب القتيل. وفي مصرفه أقوال: أحدها: أنه لمساكين الحرم أو لبيت المال أو للسالب، وهو الأصح لحديث سعد. و ((العلف)) - بإسكان اللام - مصدر علفت علفًا، وبالفتح اسم للحشيش والتبن والشعير ونحوها، وفيه جواز أخذ أوراق الشجر للعلف.
قوله: و ((لا تخبط)) ((نه)): الخبط ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها، واسم الورق الساقط خبط - بالتحريك - فعل بمعنى مفعول، وهو من علف الإبل. ((مظ)): ((نفلنيه)) بالتشديد أي جعله لي نفلًا أي غنيمة.
الحديث السابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((وعك)) ((نه)): الوعك الحمى، وقيل: ألمها وقد وعكه المرض وعكًا فهو موعوك. قوله:((حبب إلينا المدينة)) سببه أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة، وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت عائشة: دخلت عليهما، فقلت: يأبت! كيف تجدك؟ ويا بلال! كيف تجدك؟ وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى، يقول:
كل امريء مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله