١٠٤ - وعن علي, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله لإلا الله وأني رسول الله بعثني بالحق, ويؤمن بالموت, والبعث بعد الموت, ويؤمن بالقدر)) رواه الترمذي, وابن ماجه [١٠٤].
ــ
بمعنى الصفة لا القول السائر؛ لأن المعني صفة القلب العجيبة الشأن, وورد ما يرد عليه من عالم الغيب من الدواعي, وسرعة تقلبها بسبب الدواعي, كصفة ريشة واحدة تقلبها الرياح بأرض خاالية عن العمران؛ فإن الرياح أشد تأثيرا فيها في العمران, وجمع الرياح لدلالتها على التقلب ظهرا لبطن؛ إذا لو استمر الريح على جانب واحد لم يظهر القلب, كما يظهر من الرياح المختلفة, ولفظ ((الأرض)) مقحمة؛ لأن في ذكر الفلاة استغناء عنها, وهو كقولك: أخذت بيدي ونظرت, يعني تقريرا ورفعا للتجوز, وأن يتوهم متوهم خلافه, ولا يسلك إلا في أمر خطير, و ((يقلبها) صفة أخري ل ((ريشة)).
((مظ)): ((ظهرا لبطن)) ظهر بدل البعض من الضمير في ((يقلبها)) واللام في ((لبطن)) بمعنى إلى, كقوله: {مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإيمَانِ} ويجوز أن يكون ((ظهرا لبطن)) مفعولا مطلقا أي يقلبها تقليبا مختلفا, وان يكون حالا أي يقلبها مختلفة؛ ولهذا الاختلاف سمي القلب قلبا.
((غب)): قلب الشيء تصريفه, وصرفه عن وجه إلى وجه, وسمي القلب قلبا لكثرة تقلبه, ويعبر القلب عن المعاني التي يختص به من الروح, والعلم, والشجاعة وغيرها.
الحديث العاشر عن علي رضي الله عنه: قوله: ((لا يؤمن عبد)) هذا نفي أصل الإيمان لا نفي الكمال, فمن لم يؤمن بواحد من هذه الأربعة لم يكن مؤمنا, أحدها: الإقرار بأن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, بعثه بالحق إلى كافة الجن والإنس. الثاني: أن يؤمن بالموت حتى يعتقد أن الدنيا وأهلها تفنى, كما قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلَاّ وجْهَهُ} وهذا احتراز عن مذهب الدهرية؛ فإنهم يقولون: العالم قديم باق. ويحتمل أن يراد ب ((الإيمان بالموت)) أن يعتقد الرجل أن الموت يحصل بأمر الله لا بالطبيعة, خلافا للطبعي؛