للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٦٦ - وعن جابر، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح، وهو بمكة: ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام)). فقيل: يا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة؟ فإنه تطلي بها السفن، ويدهن بها الجلود، يستصبح [بها] الناس؟ فقال: ((لا، هو حرام)). ثم قال عند ذلك: قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها أجملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه)). متفق عليه.

ــ

والنبات؛ لأن الأصنام التي كانت تعبد كانت علي صور الحيوانات. ((مظ)): يدخل في النهي كل صورة مصورة في رق أو قرطاس مما يكون المقصود منه الصورة وكان الرق تبعاً له، فأما الصور المصورة في الأوإني والقصاع فإنها تبع لتلك الظروف، بمنزلة الصور المصورة علي جدر البيوت والسقوف وفي الأنماط والستور، فبيعها صحيح.

الحديث الثامن عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((وهو بمكة)). بعد قوله: ((يوم الفتح)) نحو قولهم: رأيته بعيني وأخذته بيدي، والمقصود منهما تحقيق السماع وتقريره كما مر. وذكر الله تعالي قبل ذكر رسول صلى الله عليه وسلم توطئة لذكره إيذانا بأن تحريم الرسول بيع المذكورات كتحريم الله تعالي. لأنه رسوله وخليفته. قوله: ((ويستصبح بها)) المغرب: استصبح بالمصباح، واستصبح بالدهن، ومنه قوله: ويستصبح به أي ينور به المصباح. قوله: ((فقال: لا، هو حرام)) الضمير المرفوع راجع إلي مقدر بعد كلمة الاستخبار، وكلمة ((لا)) رد لذلك المقدر، وهو يحتمل أمرين: أحدهما: أخبرني، أحل انتفاع شحوم الميتة؟ وثإنيهما: أحل بيعها؟ والثاني هو المراد.

((مح)): معنى قوله: ((لا، هو حرام)) لا تبيعوها؛ فإن بيعها حرام، فالضمير في ((هو)) يعود إلي البيع لا إلي الانتفاع، هذا هو الصحيح عند الشافعي وأصحابه، وعند الجمهور لا يجوز الانتفاع به في شيء من ذلك أصلاً؛ لعموم النهي إلا ما خص، وهو الجلد المدبوغ، فالصحيح من مذهبنا جواز الانتفاع بالأدهان المتنجسة من الخارج، كالزيت والسمن وغيرهما بالاستصباح ونحوه، بأن يجعل الزيت صابونا، أو يطعم العسل المتنجس النحل، والميتة الكلاب، والطعام الدواب. وأجاز أبو حنيفة وأصحابه بيع الزيت النجس، إذا بينه. قال العلماء: وفي عموم تحريم بيع الميتة أنه يحرم بيع جثة الكافر المقتول وفي الحديث أن نوفلا المخزومي قتل يوم الخندق، فبذل الكفار في جسده عشرة آلاف درهم، فلم يقبلها النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال أصحابنا: العلة في منع بيع الميتة والخمر والخنزير النجاسة، فيتعدى إلي كل نجاسة، والعلة في منع بيع الأصنام كونها ليس فيها منفعة مباحة. فإن كانت بحيث إذا كسرت ينتفع برضاضها، ففي صحة بيعها خلاف مشهور لأصحابنا، منهم من منعه لظاهر النهي، ومنهم من جوزه اعتماداً علي الانتفاع برضاضها، وتأول الحديث علي مالا ينتفع برضاضه، أو علي كراهة التنزيه في الأصنام خاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>