للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٦ - وعن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكون في أمتي خسف ومسخ، وذلك في المكذبين بالقدر)) رواه أبو داود، وروى الترمذي نحوه [١٠٦].

ــ

وقال في قوله: ((ليس لها في الإسلام نصيب)): ربما يتمسك به من يكفر الفريقين، والصواب أن لا يسارع إلى أن يكفر أهل الأهواء المتأولين؛ لأنهم لا يقصدون بذلك اختيار الكفر، وقد بذلوا وسعهم في إصابة الحق فلم يحصل لهم غير ما زعموه، فهم إذا بمنزلة الجاهل، أو المجتهد المخطئ. وهذا القول هو الذي يذهب إليه المحققون من علماء الأمة نظراً واحتياطاً، فيجري قوله: ((لا نصيب لهم)) مجرى الاتساع بين بيان سوء حظهم، وقلة نصيبهم من الإسلام: نحو قوله للبخيل: ليس له من ماله نصيب وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في أمتي خسف ومسخ)) وقوله: ((ستة)) لعنهم الله)) وأمثال ذلك؛ فإنها تحمل على المكذب به إذا أتاه من البيان ما ينقطع العذر دونه، أو على ما يفضي به المعصية إلى تكذيب ما ورد فيه من النصوص، أو إلى تكفير من خالفه. وأمثال هذه الأحاديث واردة على التغليظ والتشديد زجراً وردعاً.

الحديث الثاني عشر عن ابن عمرو رضي الله عنه: قوله: ((خسف)) خسف المكان ذهب في الأرض، وخسف الله به خسفاً أي غاب به في الأرض، و ((المسخ)) تحويل صورة إلى ما هو أقبح منها. ((شف)): معنى الحديث: إن يكن خسف ومسخ يكونا في المكذبين، أقول: لعله اعتقد أن هذه الأمة المرحومة مأمونة من الخسف والمسخ فأخرج الكلام مخرج الشرطية.

وقوله: ((ذلك)) يؤذن أن الذي قبله إنما يستحق العذاب بسبب ما ذكره بعده من التكذيب على عكس قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ} {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} وقد سبق عن التوربشتي أن الحديث من باب التغليظ والتشديد فلا يفتقر إلى تقدير الشرط. وأبو سليمان الخطابي ذهب إلى وقوع الخسف والمسخ في هذه الأمة، قال: ((المسخ)) قد يكون في هذه الأمة، وكذلك ((الخسف)) كما كانا في سائر الأمم، خلاف قول من زعم: أن ذلك لا يكون؛ إنما مسخها بقلوبها، ذكره في أعلام السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>