٢٧٩٥ - وعن أبي ذر [رضي الله عنه]، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم)) قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم؟ يا رسول الله! قال:((المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)) رواه مسلم.
الفصل الثاني
٢٧٩٦ - عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء)) رواه الترمذي، والدارقطني. [٢٧٩٦]
ــ
الحديث الخامس عن أبي ذر رضي الله عنه: قوله: ((المسبل)) هو الذي يطول ثوبه ويرسله إلي الأرض إذا مشى، وإنما يفعل ذلك كبراً واختيالا. قوله:((والمنان)) ((نه)): ((المنان)) يؤول علي وجهين، أحدهما: من المنة التي هي الاعتداد بالصنيعة، وهي إن وقعت في الصدقة أبطلت الأجر، وإن وقعت في المعروف كدرت الصنيعة، وقيل: هو من المن وهو النقص، يريد النقص من الحق والخيانة، ومنه قوله تعالي:{وإن لك لأجراً غير ممنون} أي غير منقوص، ومنه سمى الموت منونا؛ لأنه ينقص الأعداد، والمنفق بالتخفيف.
أقول: إنما جمع الثلاثة في قرن واحد؛ لان مسبل الإزار وهو المتكبر الذي يترفع بنفسه علي الناس، ويحط من منزلتهم ويحقر شأنهم، والمنان إنما يمن بعطائه السائل لما رأي من فضله وعلوه علي المعطى له، والحالف البائع يراعى غبطة نفسه، والهضم من حق صاحبه، والحاصل من المجموع عدم المبالاة بالغير وإيثار نفسه عليه، ولذلك يجازيه الله تعالي بعدم المبالاة والالتفات إليه، كنما لوح صلى الله عليه وسلم بقوله:((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة)) إلي آخره. فإن قلت: مرتبة الجزاء أن يؤخر عن الفعل، فلم قدم ذكره في الحديث؟ قلت: ليفخم شأنه ويهول أمر مرتكبيه في خلد السامع، فيذهب بنفسه كل مذهب، ومن ثم قال أبو ذر:((خابوا وخسروا من هم))، ولو قيل: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف لا يكلمهم الله، لم يقع هذا الموقع، ونظيره قول الشاعر:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((مع النبيين والصديقين)) بعد قوله: