٢٨٠٩ - وعن أبي سعيد الخدري [رضي الله عنه]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثلٍ، يداً بيدٍ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواءٌ)) رواه مسلم.
ــ
((إذا كان يداً بيد)) وتقييد اعتبار المماثلة مع الشرطين المذكورين بالمشاركة في علة الربا مع اتحاد الجنس بقوله: ((مثلاً بمثل يداً بيد)) يدل علي عدم اعتبار شيء من الشرائط الثلاثة فيما ليس كذلك. وانتصاب ((مثلاً بمثل، يداً بيد)) علي الحال، والعامل متعلق الجار الذي هو قوله:((بالذهب)) وصاحبها الضمير المستكن فيه، أي الذهب يباع بالذهب متماثلين مقبوضين يداً بيد، ونظيره مررت بزيد راكبين، هذا توضيح كلام القاضي.
((مح)): اختلفوا في العلة التي هي سبب تحريم الربا في الستة، قال الشافعي: العلة في الذهب والفضة كونهما جنسا الأثمان، فلا يتعدى الربا منهما إلي غيرهما من الموزونات، كالحديد والنحاس وغيرهما؛ لعدم المشاركة في المعنى، والعلة في الأربعة الباقية كونها مطعومة، فيتعدى الربا منها إلي كل مطعوم سواء كان قوتاً أو تفكها أو تداويا، كالإهليلج والسقمونيا وغيرهما، وما أكل وحده أو مع غيره، فيجري الربا في الزعفران علي الأصح.
وأما مالك فقال في الذهب والفضة كقول الشافعي، وفي الأربعة العلة فيها كونها تدخر للقوت، فعداه إلي الزبيب لأنه كالتمر، وإلي [السلت] لأنها كالبر والشعير، وأما أبو حنيفة فقال: العلة في الذهب والفضة الوزن، فيتعدى إلي كل موزون من نحاس وحديد وغيرهما، وفي الأربعة الكيل، فيتعدى إلي كل مكيل كالجص والأشنان وغيرهما. قال أحمد والشافعي في القديم: العلة في الأربعة الطعم والوزن أو الكيل، فعلي هذا لا ربا في البطيخ والسفرجل ونحوهما. أقول: ويؤيد قول الشافعي رضي الله عنه: أن العلة الطعم فحسب، ما روي في الحديث الخامس عن معمر.
قوله:((هذه الأصناف)) ((تو)): وجدنا في كثير من نسخ المصابيح قد ضرب علي ((الأصناف))، وأثبت مكانها ((االأجناس))، والحديث أخرجه مسلم، ولفظه ((الأصناف)) لا غير، وأرى ذلك تصرفا عن ظن منه أن الصواب هو ((الأجناس))؛ لأن كل واحد من الأشياء المذكورة علي حدته جنس، والصنف أخص منه، ولم يدر أن ((الأصناف)) أقوم في هذا الموضع؛ لأنه أراد بيان الجنس الذي يجري فيه الربا، فعد أصنافه مع أن العرب تستعمل بعض الألفاظ المتقاربة في المعنى مكان بعضها.
الحديث الثالث عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((فقد أربى)) ((تو)): أي أتى الربا