٢٨٥٣ - وعن أبي سعيد الخدري، قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين: نهي عن الملامسة والمنابذة في البيع. والملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو النهار، ولا يقلبه إلا بذلك. والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلي الرجل
ــ
لصاحبك حاكيا عن ثالث لكما: إن فلانا من قصته كيت وكيت، ثم عدلت إلي الثالث مخاطبا: يا فلان من حقك أن تلزم الطريقة الحميدة في مجاري أمورك، نبهته بالتفاتك نحوه فضل تنبيه، فكذا نهي السمسار أن يقول لأهل البادية: احفظ متاعك حتى أبيعه قليلاً قليلاً بزيادة تمنه، ولاشك أن أهل السوق ينتظرون الجالب ليشتروا منه، فيبيعوا من أهل البلد قليلاً قليلاً فيرزقوا من فضل الله، فإذا فعل السمسار هذا فقد قطع رزقهم، فيستحق الزجر والتوبيخ لذلك. والله أعلم.
الحديث العشرون عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((لبستين)) الجوهري: اللباس ما يلبس، وكذلك الملبس، واللبس بالكسر مثله. ((مظ)): أي نهي عن أن يلبس الرجل علي صورة الصماء، وعلي صورة الاحتباء، ونهي أن يبيع علي صورة الملامسة وعلي صورة المنابذة. ((حس)): معناه أن يجعلا لمس الشيء أو النبذ إليه بيعاً بينهما من غير رؤية وتأمل، ثم لا يكون فيه خيار، وكان ذلك من بيوع الجاهلية، فنهي عنه صلى الله عليه وسلم.
((نه)): ((الملامسة)) هي أن يقول: إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع، وقيل: هو أن يلمس المتاع من وراء ثوب، ولا ينظر إليه تم يوقع البيع عليه. نهي عنه؛ لأنه غرر، ولأنه تعليق أو عدول عن الصيغة الشرعية. وقيل: معناه أن يجعل اللمس بالليل قاطعًا للخيار، ويرجع ذلك إلي تعلق اللزوم وهو غير نافذ. و ((المنابذة)) في البيع هو أن يقول الرجل لصاحبه: انبذ إلي الثوب أو أنبذه إليك ليجب البيع. وقيل: هو أن يقول: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع، فيكون البيع معاطاة من غير عقد، ولا يصح أن يقال: نبذت الشيء أنبذه نبذًا فهو منبوذ، إذا رميته أو أبعدته.
قوله:((لا يقلبه إلا بذلك)) ((مظ)): يعني لا يلمس ذلك المتاع إلا للبيع، أي لم ير المشتري ذلك المتاع، ولم يجر بينهما إيجاب وقبول. أقول: جعل الملامسة قلباً وليس بذلك، وجعل المشار إليه البيع، ولم يسبق له ذكر. قال في المغرب: قلب الشيء حوله عن وجهه، وروي عن سنن أبي داود: الملامسة أن يمسه بيده ولا ينشره ولا يقلبه، الوجه أن يكون المشار إليه ((بذلك)) اللمس، والاستثناء، من باب قول الشاعر:
وبلدة ليس بها إنيس ... إلا اليعافير وإلا العيس
وكان يجب عليه أن يقلب الثوب ظهراً لبطن، وينظر فيه ويتأمل فما فعل غير اللمس، وفي الحديث لف ونشر بغير ترتيب.