للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عاملين. قلت: فذراري المشركين؟ قال: ((من آبائهم)). قلت: بلا عمل؟ قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)). رواه أبو داود [١١١].

ــ

ذراري المشركين بالاسترقاق، وبمراعاة أحكام المشركين فيهم قبل ذلك، وبانتفاء التوارث بينهم وبين المسلمين، فهم ملحقون في ظاهر الأمر بآبائهم.

قوله: (([و] الله أعلم بما كانوا عاملين)) ومن ثمة قال النواوي في شرح صحيح مسلم: اختلف العلماء فيمن مات من أطفال المشركين، فمنهم من يقول: هم تبع لآبائهم في النار، ومنهم من توقف فيهم، والثالث – وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون -: أنهم من أهل الجنة، واستدل بأشياء، منها حديث إبراهيم خليل الله عليه السلام حين رآه النبي صلى الله عليه وسلم ((وحوله أولاد الناس، قالوا: يا رسول الله؛ وأولاد المشركين؟ قال: وأولاد المشركين)) رواه البخاري في صحيحه، ومنه قوله تعالى: ((ومَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) ولا يتوجه على المولود التكليف حتى يبلغ فيلزم الحجة، وهذا متفق عليه.

أقول – والعلم عند الله -: والحق الأول؛ يعني التوقف، لما ورد في مسند أحمد بن حنبل عن علي في حديث خديجة في أولادها كما سيجيء في الفصل الثالث من هذا الباب، وحديث الوائدة والموءودة في النار)) مخالف لحديث إبراهيم عليه السلام، فالوجه أن يبني الكلام على حديث عائشة رضي الله عنها. وقولها: ((عصفور من عصافير الجنة)) في شأن ولد من المسلمين، كما سبق أن إنكار الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: ((أو غير ذلك كان))؛ لأن حكمها على الصغير حكم على أبويه، و [الجزم] بأنهما من أهل الجنة؛ لأن الصغير تابع لهما، فعلى هذا أولاد المشركين الذين كانوا بين يدي إبراهيم الخليل عليه السلام هم المشركون الذي لم يسلموا حينئذ، ثم في المآل آمنوا. وأما ولد خديجة، والموءودة، [فهم] الذين مات آباؤهم على الكفر، وأما قوله تعالى: ((ومَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) فيحتمل أن يراد بالعذاب الاستئصال في الدنيا؛ لأن ((حتى)) تقتضي ظاهراً أن يكون العذاب في الدنيا، ويعضده ما أتبعه من قوله: {وإذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} وقد يشتمل عذاب الاستئصال في الدنيا الظالم وغيره قال الله تعالى: ((واتَّقُوا فِتْنَةً لَاّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً)) وحديث الخسف بالزوراء ((يخسف بهم جميعاً، ويحشرون على قدر نياتهم)) معلوم، فحينئذ لا يتم الاستدلال بالآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>