للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٢ - وعن ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الوائدة والموءودة في النار)). رواه أبو داود [١١٢]

ــ

((قض)): الثواب والعقاب ليسا لأحد بالأعمال، وإلا لزم أن لا يكون ذراري المسلمين والكفار من أهل الجنة والنار، بل الموجب لهما هو اللطف الرباني، والخذلان الإلهي المقدر لهم وهم في أصلاب آبائهم، بل هم [وآباؤهم] وأصول أكوانهم بعد في العدم، فالواجب فيها التوقف وعدم الجزم بشيء من ذلك، فإن أعمالهم موكولة إلى علم الله تعالى فيما يعود إلى أمر الآخرة من الثواب والعقاب؛ لأن السعادة والشقاوة ليستا معللتين [عندنا]، بل الله تعالى خلق من شاء سعيداً، ومن شاء شقياً، وجعل الأعمال دليلا على السعادة والشقاوة، وأنت تعلم أن عدم الدليل وعدم العلم به – لا يوجبان عدم المدلول والعلم بعدمه، وكما أن البالغين منهم شقى وسعيد، وأما الذين شقوا، فهم مستعملون بأعمال أهل النار حتى يموتوا عليها، فيدخلوا النار فأما الذين سعدوا فهم موفقون للطاعات وصالح الأعمال، حتى يتوفوا عليها فيدخلوا الجنة، فأطفال منهم من سبق القضاء بأنه سعيد من أهل الجنة، فهو لو عاش عمل أعمال أهل الجنة، ومنهم من جف القلم بأنه شقى من أهل النار، فهو لو أمهل لاشتغل بالعصيان وانهمك في الطغيان.

الحديث الثامن عشر عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((الوائدة)) وأد ابنته يئدها وأداً [فهي] موءودة: إذا دفنها في القبر وهي حية. ((قض)): كانت العرب في جاهليتهم يدفنون البنات حية، فالوائدة في النار لكفرها وفعلها، والموءودة فيها لكفرها، وفي الحديث دليل على تعذيب أطفال المشركين، ولعل المراد بـ ((الوائدة)) القابلة، وبـ ((الموءودة)) الموءودة لها – وهي أم الطفل – فحذفت الصلة، إذا كان من دينهم أن المرأة إذا أخذها الطلق حفر لها حفرة عميقة فجلست عليها، والقابلة وراءها تترقب الولد، فإن ولدت ذكراً [أمسكت]، وإن ولدت أنثى ألقتها في الحفرة وأهالت التراب عليها. قلت: هذا الحديث والذي قبله إنما أورد في هذا الباب استدلالا على إثبات القدر، وتعذيب أطفال المشركين، ومن أراد تأوليهما بغير هذا فيجب عليه أن يخرجهما من هذا الباب.

وأما قولهم: ورد هذا الحديث في قصة خاصة، وهي أن ابني مليكة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه عن أم لهما، كانت تئد، فقال عليه الصلاة والسلام: ((الوائدة والموءودة في النار)) فلا يجوز حمله على العموم. فجوابه: أن العبرة لعموم اللفظ لا الخصوص السبب عند قيام الشواهد، روينا في كتاب جامع الصحيح لأبي محمد الدارمي عن الوضين: ((أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إنا كنا أهل جاهلية، وعبدة أوثان، وكنا نقتل الأولاد، وكانت عندي ابنة لي، فلما أحانت، وكانت مسرورة بدعائي إذا دعوتها، ودعوتها يوماً فاتبعتني فممرت حتى أتينا

<<  <  ج: ص:  >  >>