٢٨٧٦ - وعن جابر: أنه كان يسير علي جمل له قد أعيي، فمر النبي صلى الله عليه وسلم به، فضربه، فسار سيرا ليس يسير مثله، ثم قال:((بعنيه بوقية)) قال: فبعته، فاستثنيت حملانه إلي أهلي، فلما قدمت المدينة أتيته بالجمل ونقدني ثمنه وفي رواية: فأعطإني ثمنه ورده علي. متفق عليه.
وفي رواية للبخاري أنه قال لبلال:((اقضه وزده)) فأعطاه، وزاده قيراطا.
ــ
قال:((فماله للبائع))، أضاف الملك إليه وإلي البائع في حالة واحدة، ولا يجوز أن يكون الشيء الواحد كله ملكاً لاثنين في حالة واحدة، فثبت إضافة المال إلي العبد مجاز، أي للاختصاص وإلي المولي حقيقة، أي للملك.
((مح)): مذهب مالك والشافعي في القديم أن العبد إذا ملكه سيده مالا ملكه، لكنه إذا باعه بعد ذلك كان ماله للبائع، إلا أن يشترط لظاهر الحديث. وقال الشافعي: إن كان المال دراهم لم يجز بيع العبد، وتلك الدراهم بدراهم، وكذا إن كان الدنإنير أو الحنطة لم يجز بيعهما بذهب أو حنطة. وقال مالك: يجوز إن اشترطه المشتري، وإن كان دراهم والثمن دراهم، ولإطلاق الحديث. وفي الحديث دليل علي أن ثياب العبد التي عليه تدخل في البيع، إلا أن يشترطها؛ لأنه مال في الجملة. وقال بعض أصحابنا: تدخل. وقال بعضهم: ساتر العورة فحسب، والأصح أنه لا يدخل شيء؛ لظاهر الحديث، ولأن اسم العبد لا يتناول الثياب.
الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((قد أعيي)) أعيي أي أصابه العياء وصار ذا عياء. قوله:((بوقية)) ((نه)): هي بغير ألف لغة عامرية، وغير العامرية أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء، وهي أربعون درهما، ووزنها أفعولة، والألف زائدة، والجمع الأواقي مشدداً وقد يخفف. و ((الحملان)) مصدر حمل يحمل حملانا. ((مح)): احتج به أحمد ومن وافقه علي جواز بيع دابة، يشترط البائع لنفسه ركوبها. وقال مالك: يجوز ذلك إذا كانت المسافة ريبة. وقال الشافعي وأبو حنيفة وآخرون: لا يجوز ذلك، سواء بعدت المسافة أو قربت، واحتجوا بالحديث السابق في النهي عن بيع الثنيا، وبالحديث في النهي عن بيع وشرط. وأجابوا عن حديث جابر بأنها قضية تتطرق إليها احتمالات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعطيه الثمن ولم يرد حقيقة البيع، ويحتمل أن الشرط لم يكن في نفس العقد، وإنما يضر الشرط إذا كان في نفس العقد، فلعل الشرط كان سابقاً فلم يؤثر، ثم تبرع صلى الله عليه وسلم بإركابه، وفيه أنه لا بأس بطلب البيع من مالك السلعة وإن لم يعرضها للبيع.
قوله:((وزده)) ((مح)): فيه دليل علي جواز الوكالة في قضاء الدين وأداء الحقوق،
واستحباب أداء الدين وإرجاح الوزن. ((حس)): فيه جواز هبة المشاع؛ لأن زيادة القيراط هبة غير متميزة
من جملة الثمن. أقول: وفيه بحث؛ لأن قوله:((فأعطاه وزاده قيراطاً)) لا يساعد عليه. وكذا ما روي