٢٨٧٧ - وعن عائشة، قالت: جاءت بريرة، فقالت: إني كاتبت علي تسع أواق،
في كل عام وقية، فأعينيني فقالت عائشة: إن أحب أهلك أن أعدها لهم عدة، واحدة وأعتقك؛
فعلت، ويكون ولاؤك لي، فذهبت إلي أهلها فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم. فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم:((خذيها وأعتقيها)) ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فحمد الله
ــ
عن جابر أنه قال: قلت: هذا القيراط الذي زادني رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفارقني أبدا فجعلته في كيس، فلم يزل عندي حتى جاء أهل الشام يوم الحرة فأخذوه فيما أخذوا.
الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((قالت: جاءت بريرة)) ((قض)): ظاهر مقدمة هذا الحديث يدل علي جواز بيع رقبة المكاتب، وإليه ذهب النخعي ومالك وأحمد، وقالوا: يصح بيعه، ولكن لا تنفسخ كتابته، حتى لو أدى النجوم إلي المشتري عتق، وولاؤه للبائع الذي كاتبه. وأول الشافعي الحديث بأنه جرى برضاها، وكان ذلك فسخاً للكتابة منها، ويحتمل أن يقال: إنها كانت عاجزة عن الأداء، فلعل السادة عجزوها وباعوها. واختلف في جواز بيع نجوم الكتابة فمنعه أبو حنيفة والشافعي، وجوزه مالك وأول قوم حديث بريرة عليه، بقول عائشة رضي الله عنها:((أعدها لهم)) والضمير لـ ((تسع أواق)) التي وقعت عليها الكتابة، وبما جاء في بعض الروايات ((فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك)) ويرده عتق عائشة إياها، وما روى ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال:((ابتاعي وأعتقي)) وفي رواية أخرى أنه قال: ((اشتريها وأعتقيها)) وأما ما احتجوا به فدليل عليهم؛ لأن مشتري النجوم لا يعدها ولا يؤديها، وإنما يعطى بدلها. وأما مشتري الرقبة إذا اشتراها بمثل ما انعقدت به الكتابة فإنه يعده، وفحوى الحديث يدل علي جواز بيع الرقبة بشرط العتق؛ لأنه يدل علي أنهم شرطوا الولاء لأنفسهم، وشرط الولاء لا يتصور إلا بشرط العتق، وأن النبي صلي الله عليه وسلن أذن لعائشة في إجابتهم بالشرى بهذا الشرط، ولو كان العقد فاسداً لم يأذن فيه ولم يقرر العقد، وإليه ذهب النخعي والشافعي وابن أبي ليلي وأبو ثور، وذهب أصحاب أبي حنيفة إلي فساده.
والقائلون بصحة العقد اختلفوا في الشرط، فمنهم من صححه، وبه قال الشافعي في الجديد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أذن فيه؛ ولأنه لو فسد لأفسد العقد؛ لأنه شرط يتعلق به غرض ولم يثبت، ففسد العقد للنص والمعنى المذكورين قبل، ومنهم من ألغاه كابن أبي ليلي وأبي ثور. ويدل أيضا علي صحة البيع بشرط الولاء وفساد الشرط؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قرر العقد وأنفذه وحكم ببطلان الشرط، وقال:((إنما الولاء لمن أعتق)) وبه قال ابن أبي ليلي وأبو ثور والشافعي في القديم. والأكثرون علي فساد العقد لما سبق من النص والمعنى، وقالوا: ما جرى الشرط في بيع بريرة، ولكن القوم ذكروا ذلك طمعاً في ولائها جاهلين بأن الولاء لا يكون إلا للمعتق. وما روى هشام بن عروة