٢٨٩٣ - عن عمر [رضي الله عنه]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون)). رواه ابن ماجه، والدارمي. [٢٨٩٣]
٢٨٩٤ - وعن أنس، قال: غلا السعر علي عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! سعر لنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبنني بمظلة بدم ولا مال)). رواه الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه، والدارمي. [٢٨٩٤]
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((الجالب مرزوق)) قوبل الملعون بالمرزوق؛ والمقابل الحقيقي مرحوم أو محروم ليعم؛ فالتقدير التاجر مرحوم ومرزوق لتوسعته علي الناس، والمحتكر محروم ملعون لتضييقه عليهم.
الحديث الثاني عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((غلا السعر)) ((قض)): السعر القيمة التي يشيع البيع بها في الأسواق، قيل: سميت بذلك؛ لأنها ترتفع والتركيب لما له ارتفاع، والتسعير تقديرها. وقوله:((إني لأرجو)) إلي آخره، إشارة إلي أن المانع له من التسعير مخافة أن يظلم في أموالهم؛ فإن التسعير تصرف فيها بغير إذن أهلها فيكون ظلما. ومن مفاسد التسعير تحريك الرغبات، والحمل علي الامتناع من البيع، وكثيرا ما يؤدي إلي القحط.
أقول: قوله: ((إن الله هو المسعر)) جواب علي سبيل التعليل للامتناع عن التسعير، جيء بـ ((إن)) وضمير الفصل بين اسم ((إن)) والخبر معرفا باللام؛ ليدل علي التوكيد والتخصيص، ثم رتب هذا الحكم علي الأخبار الثلاثة المتوالية ترتب الحكم علي الوصف المناسب. وكونه قابضا علة لغلاء السعر، وكونه باسطا لرخصه، وكونه رازقا يقتر الرزق علي العباد ويوسعه، فمن حاول التسعير فقد عارض الله ونازعه فيما يريده، ومنع العباد حقهم مما أولاهم الله تعالي في الغلاء والرخص، وإلي المعنى الأخير أشار بقوله صلى الله عليه وسلم:((وإني لأرجو)) إلي آخره.
قوله:((بمظلمة)) الجوهري: الظلامة والظليمة والمظلمة ما يطلبه عند المظالم، وهو اسم ما
أخذ منك. وفي المغرب: المظلمة الظلم، وقول محمد: في هذا مظلمة للمسلمين اسم