للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٠٠ - وعن أبي سعيد، قال: أصيب رجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تصدقوا عليه))، فتصدق الناس عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغرمائه: ((خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك)). رواه مسلم.

٢٩٠١ - وعن أبي هريرة [رضي الله عنه] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان رجل يدائن الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرا تجاوز عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، قال: فلقي الله فتجاوز عنه)). متفق عليه.

٢٩٠٢ - وعن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفس عن معسر أو يضع عنه)). رواه مسلم.

ــ

الحديث الثاني عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((أصيب رجل)) ((مظ)): أي أصابت جائحة ثمرة اشتراها ولم يقبض ثمن تلك الثمرة- صاحبها- فطالبه وليس له مال يؤديه. وقوله: ((وليس لكم إلا ذلك)) أي ليس لكم زجره وحبسه؛ لأنه ظهر إفلاسه، وإذا ثبت إفلاس الرجل لا يجوز حبسه بالدين، بل يخلي ويمهل إلي أن يحصل له مال فيأخذ الغرماء، وليس معناه أنه ليس لكم إلا ما وجدتم، وبطل ما بقي لكم من ديونكم، قال الله تعالي: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلي ميسرة}.

الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لفتاه)) ((مح)): أي غلامه، كما صرح به في الرواية الأخرى. والتجاوز والتجوز، المسامحة في الاقتضاء والاستيفاء، وقبول ما فيه نقص يسير. وفي الحديث فضل إنظار المعسر، والوضع عنه إما كل الدين أو بعضه، وفضل المسامحة في الاقتضاء والاستيفاء سواء عن الموسر والمعسر، ولا يحتقر شيء من أفعال الخير، فلعله سبب للسعادة، وفيه جواز توكيل العبيد والإذن لهم في التصرف، وهذا قول من يقول: شرع من قبلنا شرع لنا- انتهي كلامه-. و ((لعل)) هاهنا بمعنى عسى؛ ولذلك أتى بـ ((أن)) أي عسى الله أن يتجاوز عنا؛ لأنه لا يقال: لعل الله أن يتجاوز بل يتجاوز.

فإن قلت: كيف قال: ((أن يتجاوز عنا)) ثم قال: ((فتجاوز عنه) قلت: أراد القائل نفسه، ولكن جمع الضمير إرادة أن يتجاوز عمن فعل مثل هذا الفعل؛ ليدخل فيه دخولا أوليا، وكذلك استحب للداعي أن يعم في الدعاء ولا يختص نفسه لعل الله تعالي ببركتهم يستجيب دعاءه.

الحديث الرابع عن أبي قتادة رضي الله عنه: قوله: ((فلينفس)) ((نه)): أي فليؤخر مطالبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>