للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٦٢ - وعنه، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة، أو حائط: ((لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به)). رواه مسلم.

ــ

يقسم)) بقوله: ((قال: الشفعة فيما لم يقسم)) لما لم يجد بينهما مزيد تفاوت في المعنى، وقد صحت الرواية بهذه العبارة، وبه اندفع اعتراض من شنع عليه.

فإن قلت كيف سويت بين العبارتين؟ وما ذكره الشيخ يقتضي الحصر عرفاً، وما أورده البخاري لا يقتضيه؛ لجواز أن يكون حكاية حال واقعة، وقضاء في قضية مخصوصة. قلت: كفي لدفع هذا الاحتمال ما ذكر عقيبه، ورتب عليه بحرف التعقيب، ولا يصح أن يقال: إنه ليس من الحديث بل شيء زاده الراوي فأوصله بما حكاه؛ لأن ذلك يكون تلبيساً وتدليساً. ومنصب هذا الراوي والأئمة الذين دنوه وساقوا الرواية بهذه العبارة إليه، أعلي من أن يتصور في شأنهم أمثال ذلك. والحديث كما ترى يدل بمنطوقه صريحاً علي أن الشفعة في مشترك مشاع لم يقسم بعد، فإذا قسم وتميزت الحقوق ووقعت الحدود وصرفت الطرق، بأن تعددت وحصل نصيب لكل طريق مخصوص لم يبق للشفعة مجال، فعلي هذا تكون الشفعة للشريك دون الجار.

وهو مذهب أكثر أهل العلم كعمر وعثمان وابن المسيب وسلمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز، والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن من التابعين، والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور ممن بعدهم. وقوم نزر من الصحابة ومن بعدهم مالوا إلي ثبوتها للجار، وهو قول الثوري وابن المبارك وأصحاب أبي حنيفة، غير أنهم قالوا: الشريك أولي وأقدم علي الجار، واحتجوا بما روى البخاري عن أبي رافع.

أقول: قوله: ((لما لم يجد بينهما مزيد تفاوت في المعنى)) إلي آخره، لا يرفع الإنكار؛ لأن أهل هذه الصنعة صرحوا بأن القائل إذا قال: رواه البخاري أو مسلم مثلا، جاز له الرواية بالمعنى، وأما إذا قال: في كتاب فلان كذا وكذا، لم يجز له أن يعدل عن صريح لفظه. وقد ذكر الشيخ في خطبة المصابيح: وأعني بالصحاح ما أورده الشيخان في جامعيهما أو أحدهما. وأما قوله: ((كفي لدفع هذا الاحتمال)) إلي آخره، ففيه بحث؛ لأن الحصر هاهنا ليس بالأداة والتقديم وتعريف الخبر، بل بحسب المفهوم.

وقوله: ((الشفعة فيما لم يقسم)) مفهومه لا شفعة فيما قسم، فيكون ما بعده بيانا له وتقريراً، ومفهوم قوله: ((قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما لم يقسم)) لم يقض فيما قسم، فبينهما بون.

الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((ربعة أو حائط)) ((مح)): الربع والربعة-

بفتح الراء وإسكان الباء- المسكن والدار وطلق الأرض، وأصله المنزل الذي كانوا يربعون فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>