٢٩٧٣ - وعنه، قال: كنا نخابر ولا نرى بذلك بأساً حتى زعم رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عنها فتركناها من أجل ذلك. رواه مسلم.
٢٩٧٤ - وعن حنظلة بن قيس، عن رافع بن خديج، قال: أخبرني عماي أنهم كانوا يكرون الأرض علي عهد النبي صلى الله عليه وسلم بما ينبت علي الأربعاء أو شيء يستثنيه صاحب الأرض، فنهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فقلت لرافع: فكيف هي بالدراهم والدنإنير؟ فقال: ليس بها بأس، وكأن الذي نهي عن ذلك ما لو نظر فيه ذوو الفهم بالحلال والحرام لم يجيزوه لما فيه من المخاطرة. متفق عليه.
ــ
وذهب أبو حنيفة وزفر إلي أن المزارعة والمساقاة فاسدتان مطلقاً، وذهب أكثرهم إلي جواز المساقاة والمزارعة مجتمعتين ومنفردتين. قال الشيخ محيي الدين: هذا هو الظاهر المختار لحديث خيبر، ولا تقبل دعوى كون المزارعة في خيبر إنما جاءت تبعاً للمساقاة، بل جاءت مستقلة، ولأن المعنى المجوز للمساقاة موجود في المزارعة، وقياساً علي القراض فإنه جائز بالإجماع، وهو كالمزارعة في كل شيء؛ ولأن المسلمين في جميع الأمصار والأعصار مستمرون علي العمل بالمزارعة.
وأما الأحاديث السابقة في النهي عن المخابرة فأجيب عنها، وأنها محمولة علي ما إذا اشترطا لكل واحد قطعة معينة من الأرض. وقد صنف ابن خزيمة كتاباً في جواز المزارعة واستقصى فيه وأجاد، وأجاب عن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. انتهي كلامه. والظاهر من كلام محيي السنة في شرح السنة أنه مائل إلي جواز المزارعة مطلقاً.
الحديث الثاني عن عبد الله: قوله: ((كنا نخابر)) ((حس)): لا تجوز المخابرة لأنها ليست في معنى المساقاة؛ لأن البذر في المخابرة يكون من جهة العامل، فالمزارعة اكتراء العامل ببعض ما يخرج من الأرض، والمخابرة اكتراء العامل الأرض ببعض ما يخرج منها. وذهب الأكثرون إلي جواز المزارعة كما سبق.
الحديث الثالث عن حنظلة: قوله: ((علي الأربعاء)) الأربعاء جمع ربيع وهو النهر الصغير الذي يسقي المزارع، يقال: ربيع وأربعاء وأربعة كنصيب وأنصباء وأنصبه. ((قض)): معنى الحديث أنهم كانوا يكرون الأرض علي أن يزرعه العامل ببذره، ويكون ما ينبت علي أطراف الجداول والسواقي للمكري أجرة لأرضه، وما عدا ذلك يكون للمكتري في مقابلة بذره وعمله، أو ما ينبت في هذه القطعة بعينها فهو للمكري، وما ينبت في غيرها فهو للمكتري، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولعل المقتضى للنهي ما فيه من الخطر والغرر؛ إذا ربما تنبت القطعة المسماة