للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثاني

٢٩٨٦ - عن خارجة بن الصلت، عن عمه، قال: أقبلنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتينا علي حي من العرب. فقالوا: إنا أنبئنا أنكم قد جئتم من عند هذا الرجل بخير، فهل عندكم من دواء أو رقية؟ فإن عندنا معتوهاً في القيود. فقلنا: نعم. فجاءوا بمعتوه في القيود، فقرأت عليه بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية أجمع بزاقي ثم أتفل. قال: فكأنما أنشط من عقال، فأعطوني جعلاً، فقلت: لا، حتى أسال النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: ((كل، فلعمري؛ لمن أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق)). رواه أحمد وأبو داود. [٢٩٨٦]

ــ

المصاحف وشراءها، وأخذ الأجرة علي كتابتها، وبه قال الحسن والشعبي وعكرمة، وإليه ذهب سفيان ومالك والشافعي وأصحاب أبي حنيفة. قوله: ((واضربوا لي معكم)) أي اجعلوا لي نصيباً منها، ((مح)): هو من باب المروءات والتبرعات ومواساة الأصحاب والرفاق، وإلا فجميع الشاة ملك للراقي، قاله تطيباً لقلوبهم، ومبالغة في تعريفهم أنه حلال مباح لا شبهة فيه.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن خارجة قوله: ((معتوها)) ((المغرب)): هو الناقص العقل. وقيل: المدهوش من غير جنون، وقد عته عتهاً وعتاهة وعتاهية. ((نه)): هو المجنون المصاب بعقله. قوله: ((فكأنما أنشط)) ((تو)): أي أحل، يقال: نشطت الحبل أنشطه نشطاً عقدته، وأنشطته أي حللته، وهذا القول أعنى ((أنشط من عقال)) يستعملونه في خلاص الموثوق وزوال المكروه في أدنى ساعة. أقول: الكلام فيه التشبيه، شبه سرعة برئه من الجنون بواسطة قراءة الفاتحة، وتفله بجمل معقول حل من عقاله، فتراه سريع النهوض.

قوله: ((فلعمري)) ((مظ)): هو – بفتح العين وضمها – أي حياتي، واللام فيه للتأكيد، ولا يستعمل في القسم إلا مفتوح العين، واللام في ((لمن أكل)) جواب القسم، يعني من الناس من يرقي رقية باطل ويأخذ عليها عوضاً، أما أنت فقد رقيت رقية حق. فإن قيل: كيف أقسم بغير اسم الله وصفاته؟ قلنا: ليس المراد به القسم، بل جرى هذا اللفظ في كلامه علي رسمهم.

أقول: لعله صلى الله عليه وسلم كان مأذوناً بهذا الإقسام، وأنه من خصائصه؛ لقوله تعالي: {لَعَمْرُكَ إنَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>