٣٠٠٦ - وعن سمرة بن جندب: أنه كانت له عضد من نخل في حائط رجل من الأنصار، ومع الرجل أهله، فكان سمرة يدخل عليه، فيتأذى به، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فطلب إليه النبي صلى الله عليه وسلم ليبيعه، فأبي، فطلب أن يناقله، فأبي، قال:((فهبه له ولك كذا)) أمراً رغبة فيه، فأبي، فقال:((أنت مضار)) فقال للأنصاري: ((اذهب فاقطع نخله)). رواه أبو داود. [٣٠٠٦]
وذكر حديث جابر:((من أحيى أرضاً)) في ((باب الغصب)) برواية سعيد بن زيد. وسنذكر حديث أبي صرمة:((من ضار أضر الله به)) في ((باب ما ينهي من التهاجر)).
ــ
الحديث الحادي عشر عن سمرة: قوله: ((عضد من نخل)) ((فا)): قالوا للطريقة من النخل عضد لأنها متناظرة في جهة، وروي عضيد قال الأصمعي: إذا صار للنخلة جذع تتناول منه فهي العضيد، والجمع عضدان. وقيل: هي الجبارة البالغة غاية الطول. ((تو)): لفظ الحديث يدل علي أنه كان فرد نخل لتعاقب الضمير بلفظ التذكير في قوله: ((ليبيعه، ويناقله، وفهبه له)). وأيضاً لو كانت طريقة من النخل لم يأمره بقطعها، لدخول الضرر عليه أكثر ما يدخل علي صاحبه من دخوله، وقد ذكر أن صوابه عضيد. ((قض)): إفراد الضمير فيها لإفراد اللفظ. ومعنى ((أن يناقله)) أن يبادله بنخيل من موضع آخر، ولعله إنما أمر الأنصاري بقطع نخله لما بين له أن سمرة يضاره، لما علم أن غرسها كان بالعارية. ((شف)): ((ولك كذا أمراً)) أي في الجنة. ((رغبة فيه)) أي في ذلك الأمر.
قوله:((أنت مضار)) ((مظ)): أي إذا لم تقبل هذه الأشياء فلست تريد إلا إضرار الناس، ومن يريد إضرار الناس جاز دفع ضرره، ودفع ضررك أن تقطع شجرك. أقول: ذكر الأهل والنادي دالان علي تضرر الأنصاري من مروره، وكذا تعدية ((طلب)) بـ ((إلي)) تشعر بأن النبي صلى الله عليه وسلم أنهي إليه طلب البيع شافعاً، وعلي هذا قوله:((طلب أن يناقله)) وكذا قوله: ((أمراً رغبه فيه)) يدل علي أن الأمر في قوله: ((فهبه له)) كان أمراً علي طريق الشفاعة، فحق من يأبي من مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا التشفيع أن يزجر ويوبخ، فقوله:((أمراً)) نصب علي الاختصاص والتفسير لقوله: ((فهبه له)) يعني هو أمر علي سبيل الترغيب والاستشفاع، ويجوز أن يكون حالا من فاعل ((قال)) أي قال أمراً مرغباً فيه، وأن يكون نصباً علي المصدر؛ لأن الأمر فيه معنى القول أي قال قولاً مرغباً فيه. وهذه الوجوه جارية في قوله تعالي: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا}. قيل: الأنصاري من بني النجار، وقيل: اسمه مالك بن قيس، وقيل: لبابة بن قيس، وقيل: مالك بن أسعد، وكان شاعراً.