٣٠١٢ - وعنه، قال: إنما العمرى التي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يقول: هي لك ولعقبك؛ فأما إذا قال: هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلي صاحبها. متفق عليه.
الفصل الثاني
٣٠١٣ - عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((لا ترقبوا، أو لا تعمروا، فمن أرقب شيئاً، أو أعمر؛ فهي لورثته)) رواه أبو داود. [٣٠١٣]
ــ
ما يفيد هذا المعنى. قال أصحابنا: للعمرى ثلاثة أحوال، إحداها أن يقول: أعمرتك هذه الدار، فإذا مت فهي لورثتك أو لعقبك. فيصح بلا خلاف، ويملك رقبة الدار وهي هبة، فإذا مات فالدار لورثته، وإلا فلبيت المال، ولا تعود إلي الواهب بحال. وثإنيتها: أن يقتصر علي قوله: جعلتها لك عمرك، ولا يتعرض لما سواه، ففي صحته قولان للشافعي أصحهما – وهو الجديد – صحته، وله حكم الحال الأولي. وثالثتها أن يقول: جعلتها لك عمرك، فإذا مت عادت إلي أو إلي ورثتي، ففي صحته خلاف، والأصح عندنا صحته، فيكون له حكم الحال الأولي، واعتمدوا علي الأحاديث المطلقة، وعدلوا به عن قياس الشروط الفاسدة. وقال أحمد: تصح العمرى المطلقة دون المؤقتة، وقال مالك: العمرى في جميع الأحوال تمليك لمنافع الدار مثلاً، ولا يملك فيها رقبتها بحال. ومذهب أبي حنيفة كمذهبنا.
((قض)): العمرى جائزة باتفاق، مملكة بالقبض كسائر الهبات، ويورث المعمر من المعمر له كسائر أمواله، سواء أطلق أو أردف بأنه لعقبك أو ورثتك بعدك، وهو مذهب أكثر أهل العلم؛ لما روي عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال:((إن العمرى ميراث لأهلها)) أي للمعمر له، فإنه أطلق ولم يقيد. وذهب جمع إلي أنه لو أطلق ولم يقل: هو لعقبك من بعدك لم يورث منه، بل تعود بموته إلي المعمر، ويكون تمليكاً للمنفعة له. وهو قول الزهري، ومالك. واحتجوا بما روي ثابتاً عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال:((أيما رجل أعمر)) الحديث، فإن مفهوم الشرط الذي تضمنه ((أيما)) والتعليل يدل علي أن من لم يعمر له كذلك لم يورث منه العمرى، بل ترجع إلي المعطي. وبما روي عنه ثالثاً أنه قال:((إنما العمرى التي أجاز)) إلي آخره. والجواب عن الأول أنه مبني علي المفهوم، والقول بعمومه، وجواز تخصيص المنطوق، والخلاف ماض في الكل. وعن الثاني أنه تأويل، وقول صدر عن رأي جابر واجتهاده، فلا احتجاج فيه.
الفصل الثاني
الحديث الأول والثاني عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((فمن أرقب شيئاً أو أعمر)) كانوا في الجاهلية يفعلون ذلك فأبطل الشرع ذلك وأعلمهم أن من أعمر شيئاً أو أرقبه في حياته فهو