٣٠٢٢ - وعن أبي هريرة: أن أعرابياً أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بكرة، فعوضه منها ست بكرات، فتسخط، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:((إن فلانا أهدى إلي ناقة، فعوضته منها ست بكرات، فظل ساخطاً، لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي، أو أنصاري، أو ثقفي، أو دوسي)). رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي. [٣٠٢٢]
٣٠٢٣ - وعن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((من أعطي عطاء فوجد فليجز به،
ــ
برجوع، لأن الولد منه وماله له؛ يدل عليه قوله تعالي:{وعَلي المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} أي الذي ولد له، وكأنه مملوكه. وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم)). وربما تقتضي المصلحة الرجوع تأديباً وسياسة للولد لما يرى منه ما لا يرضاه.
الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((بكرة)) ((نه)): البكر بالفتح الفتي من الإبل بمنزلة الغلام من الناس، والأنثى بكرة. قوله:((لقد هممت أن لا أقبل)) ((تو)): كره قبول الهدية ممن كان الباعث له عليها طلب الاستكثار، وإنما خص المذكورين فيه بهذه الفضيلة لما عرف منهم من سخاوة النفس وعلو الهمة وقطع النظر عن الأعواض – انتهي كلامه. اعلم أن هذه الخصلة من رذائل الأخلاق وأخبثها، ولذلك عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبائل بحسن أخلاقها، أن قبيلة هذا الأعرابي علي خلافها، ونهي الله سبحانه حبيبه صلى الله عليه وسلم عنها في قوله تعالي:{ولا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ}. ((الكشاف)): أي ولا تعط طالباً للتكثير، نهي عن الاستغزار، وهو أن يهب شيئاً وهو يطمع أن يتعرض من الموهوب له أكثر من الموهوب، وهذا جائز، ومنه:((المستغزر يثاب من هبته)). وهذا النهي إما نهي تحريم، فهو يختص برسول الله صلى الله عليه وسلم، أو نهي تنزيه له ولأمته.
((حس)): اختلفوا في الهبة المطلقة التي لا يشترط فيها الثواب، فذهب قوم من الفقهاء أنها تقتضي الثواب لهذا الحديث، ومنهم من جعل الناس في الهدايا علي ثلاث طبقات: هبة الرجل لمن هو دونه، فهو إكرام وإلطاف لا يتقضى الثواب. وكذلك هبة النظير من النظير. وأما هبة الأدنى من الأعلي فتقتضي الثواب؛ لأن المعطي يقصد بها الرفد والثواب. ثم قدر الثواب علي العرف والعادة، وقيل: قدر قيمة الموهوب، وقيل: حتى يرضي الواهب. وظاهر مذهب الشافعي أن الهبة المطلقة لا تقتضي الثواب، سواء وهب لنظيره، أو لمن دونه أو فوقه. وكل من أوجب الثواب فإذا لم يثب كان للواهب الرجوع في هبته.
الحديث الرابع عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((فوجد)) أي من أعطي شيئاً، فليكن عارفاً حقه، فإن وجد مالا فليجز به، ومن لم يجد فليشكر، ولا يجوز له كتمان نعمته، ومن كفر فكتم