للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فشأنك بها)). قال: فضالة الغنم؟ قال: ((هي لك، أو لأخيك، أو للذنب)). قال: فضالة الإبل؟ قال: ((مالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها)). متفق عليه. وفي رواية لمسلم: فقال: ((عرفها سنة، ثم اعرف وكاءها وعفاصها، ثم استنفق بها، فإن جاء ربها فأدها إليه)).

ــ

اللقطة، من جلد أو خرقة أو غير ذلك، يقال: عفاص القارورة لغلافها من العفص وهو الثني والعطف؛ لأن الوعاء ينثني علي ما فيه وينعطف.

قوله: ((ووكاءها)) ((نه)): هو الذي تشد فه الصرة والكيس ونحوهما. ((شف)): قوله: ((فإن جاء صاحبها)) شرط حذف جزاؤه للعلم به، أي فردها إليه، أو فبها ونعمت. وقوله: ((فضالة الإبل)) مبتدأ وخبره محذوف أي ما حكمها. وقوله: ((فشأنك)) قيل: هو منصوب علي المصدر شأنت شأنه أي قصدت قصده، وأشأن شأنك أي اعمل ما تحسنه. وقوله: ((معها سقاؤها)) إلي آخره علي تقدير الحال، أي مالك وأخذها؟ والحال أنها مستقلة بأسباب تعيشها.

((حس)): اختلفوا في تأويل قوله: ((اعرف عفاصها)) في أنه لو جاء رجل وادعى اللقطة وأعرف عفاصها ووكائها، هل يجب الدفع إليه أم لا؟ فذهب مالك وأحمد إلي أنه يجب الدفع إليه من غير بينة، إذ هو المقصود من معرفة العفاص والوكاء. وقال الشافعي وأصحاب أبي حنيفة: إذا عرف الرجل العفاص، والوكاء والعدد والوزن، ووقع في نفسه أنه صادق فله أن يعطيه وإلا فبينة؛ لأنه قد يصيب في الصفة بأن يسمع الملتقط يصفها، فعلي هذا تأويل قوله: ((اعرف عفاصها ووكاءها))؛ لئلا تختلط بماله اختلاطاً لا يمكن التمييز إذا جاء مالكها. وأراد بالسقاء أنها إذا وردت الماء شربت ما يكون فيه ريها لظمئها، وهي من أطول البهائم ظمأ. وقيل: أراد به أنها ترد عند احتياجها إليه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم صبرها علي الماء، أو ورودها إليه بمثابة سقائها، وبالحذاء خفافها، وأنها تقوى بها علي السير وقطع البلاد الشاسعة، وورود المياه النائية، شبهها النبي صلى الله عليه وسلم بمن كان معه حذاء وسقاء في سفره. وإنما أضاف الرب إليها؛ لأن البهائم غير متعبدة ولا مخاطبة، فهي بمنزلة الأموال التي تجوز إضافة مالكها إليها وجعلهم أرباباً لها.

((قض)): فيه دليل علي أن من التقط لقطة وعرفها سنة ولم يظهر صاحبها كان له تملكها، سواء كان غنياً أو فقيراً. وإليه ذهب كثير من الصحابة والتابعين، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ((يتصدق بها الغني ولا ينتفع بها، ولا يملكها)) وبه قال الثوري وابن المبارك وأصحاب أبي حنيفة. ويؤيد الأول ما روي عن أبي بن كعب أنه قال: ((وجدت صرة – إلي قوله – فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها)) وكان أبي بن كعب من مياسير الأنصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>