٣٠٤٢ - وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولي رجل ذكر)). متفق عليه.
٣٠٤٣ - وعن أسامة بن زيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم)). متفق عليه.
ــ
أقول: الفاء في قوله: ((فمن مات)) تفسيرية مفصلة لما أجمل من قوله: ((أنا أولي بالمؤمنين)) ومعنى الأولوية النصرة والتولية، أي أنا أتولي أمورهم بعد وفاتهم، وأنصرهم فوق ما كان منهم لو عاشوا، فإن تركوا شيئاً من المال فأذب المستأكلة من الظلمة، أن يحرموا حوله فيخلص لورثتهم، وإن لم يتركوا وتركوا ضياعا وكلا من الأولاد فأنا كافلهم، وإلينا ملجؤهم ومأواهم، وإن تركوا دينا فعلي أدواؤه؛ ولهذا وصفه الله تعالي في قوله عز من قائل:{بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} وقوله: {النَّبِيُّ أَوْلي بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}. وهكذا ينبغي أن تفسر الآية أيضاً؛ ولأن قوله:{وأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} إنما يلتئم إذا قلنا: إنه صلى الله عليه وسلم كالأب المشفق، بل هو أرأف وأرحم بهم.
الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((فهو لأولي رجل ذكر)) ((مح)): قال العلماء المراد بـ ((الأولي)) الأقرب، مأخوذ من [الولي] وهو القرب. ووصف الرجل بالذكر تنبيهاً علي سبب استحقاقه، وهي الذكورة التي هي سبب العصوبة وسبب الترجيح في الإرث؛ ولهذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وحكمته أن الرجال تلحقهم مؤن كثيرة في القيام بالعيال، والضيفان، وإرفاد القاصدين، ومواساة السائلين، وتحمل الغرامات وغير ذلك والله أعلم.
أقول: أوقع الموصوف مع الصفة موقع العصبة كأنه قيل: فما بقى فهو لأقرب عصبة وسموا عصبة؛ لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم، أي يحيطون به ويشتد بهم، والعصبة أقارب من جهة الأب، ((مح)): قد أجمعوا علي أن ما بقي بعد الفرائض فهو للعصبات، يقدم الأقرب فالأقرب، فلا يرث عاصب بعيد مع وجود قريب، وجملة عصبات النسب الابن والأب ومن يدلي بهما، ويقدم منهم الأبناء ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الأب ثم الجد، ثم الإخوة للأبوين أو للأب، وهم في درجة. ((حس)): فيه دليل أن بعض الورثة يحجب البعض، والحجب نوعان: حجب نقصان، وحجب حرمان.
الحديث الثالث عن أسامة. قوله:((لا يرث المسلم الكافر)) ((مح)): أجمع المسلمون علي أن الكافر لا يرث المسلم، وأما المسلم من الكافر ففيه خلاف، فالجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم علي أنه لا يرث أيضاً. وذهب معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب ومسروق