للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثاني

٣٠٧٢ - عن سعد بن أبي وقاص، قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض فقال: ((أوصيت؟)) قلت: نعم. قال: ((بكم؟)) قلت: بمالي كله في سبيل الله. قال: ((فما تركت لولدك؟)) قلت: هم أغنياء بخير. فقال: أوص بالعشر)) فما زلت أناقصه، حتى قال: ((أوص بالثلث، والثلث كثير)) رواه الترمذي. [٣٠٧٢]

ــ

وقوله لهلال بن أمية: ((البينة، وإلا حد في ظهرك)). وذلك مما زعم النحويون أنه مخصوص بالضرورة، وليس مخصوصاً بل يكثر استعماله في الشعر ويقل في غيره، ومن خص هذا الحذف بالشعر حاد عن التحقيق وضيق حيث لا تضييق.

قوله: ((وإنك لن تنفق)) عطف علي قوله: ((إنك أن تذر)) وهو علة للنهي عن الوصية بأكثر من الثلث، كأنه قيل: لا تفعل لأنك إن مت وتذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم فقراء، وإن عشت تصدقت بما بقي من الثلث، وأنفقت علي عيالك يكن خيراً لك.

((مح)): فيه جواز ذكر المريض ما يجده من الوجع لغرض صحيح من مداواة أو دعاء أو وصية ونحو ذلك. وإنما يكره من ذلك ما كان علي سبيل السخط، فإنه قادح في أخر مرضه. ودليل علي إباحة جمع المال، ومراعاة العدل بين الورثة والوصية. وأجمعوا علي أن من له وارث لا تنفذ وصيته بزيادة علي الثلث إلا بإجازته، وعلي نفوذها بإجازته في جميع المال. وأما من لا وارث له فمذهب الجمهور لا تصح وصيته فيما زاد علي الثلث، وجوزه أبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين عنه.

وفيه الحث علي صلة الأرحام، والإحسان إلي الأقارب والشفقة علي الورثة، فإن صلة القريب الأقرب والإحسان إليه أفضل من الأبعد. وفيه استحباب الإنفاق في وجوه الخير، وأنه إنما يثاب علي عمله بنيته، وأن الإنفاق علي العيال يثاب عليه إذا قصد به وجه الله تعالي، وأن المباح إذا قصد به وجه الله تعالي صار طاعة؛ فإن زوجة الإنسان من أحظ حظوظه الدنيوية وشهواتها وملاذها المباحة، ووضع اللقمة في فيها إنما يكون في العادة عند الملاعبة والملاطفة وهي أبعد الأشياء عن الطاعة وأمور الآخرة. ومع هذا فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا قصد به وجه الله تعالي حصل له الأجر، فغير هذه الحالة أولي بحصول الأجر.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن سعد رضي الله عنه: قوله: ((بخير)) إما خبر بعد خبر، أو صفة ((أغنياء)) أي ملتبسون بخير. قوله: ((فما زلت أناقصه)) من المناقصة وهي مفاعلة من نقص أي لم أزل

<<  <  ج: ص:  >  >>