للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٢ - وعن أبي بن كعب في قول الله عز وجل: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) قال: جمعهم فجعلهم أزواجاً، ثم صورهم فاستنطقهم، فتكلموا، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق، (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم)

ــ

يقتضي منه العجب، أن الشيخ شهاب الدين التوربشتي كيف قرر مذهب المعتزلة، ولم يرد عليهم مع رسوخ علمه وعلو مرتبته، وكيف جعل حديث عمر رضي الله عنه – المذكور في الفصل الثاني، وهو من المتشابه – أصلا في الاعتبار، وفسره بما يوافق مذهب الخصم، ورد هذا الحديث وهو محكم نص جلي، بأنه من الآحاد؟ وهلا جعل المحكم أصلا، ورد عليه التشابه، وأوله بما نقلناه عن المفسرين وعن القاضي؟ لأن الحديث النبوي مبين للتنزيل، كما قال الله تعالى: {وأَنزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} ولعمري! إني لمنكر جداً لمن إذا ورد عليه حديث لا يوافق مذهبه، شمر في الرد بأنه من الآحاد. والغرض من هذا الإطناب الإرشاد إلى التفادي عن القول في الأحاديث الصادرة عن منبع الرسالة عن الثقات، بأنها متروكة العمل، لعلة كونها من الآحاد؛ لأن ذلك يؤدي إلى سد باب كثير من الفتوحات الغيبية، ويحرم قائله كثيراً من المنح الإلهية.

روى الإمام البيهقي في المدخل عن الشافعي رضي الله عنه: الذين لقيناهم كلهم مثبتون خبر واحد عن واحد عن النبي عليه الصلاة والسلام ويجعلونه سنة، حمد من تبعها، وعيب من خالفها، وقال الشافعي: من فارق هذا المذهب كان عندنا مفارقاً لسبيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل العلم بعدهم، وكان من أهل الجهالة، فقال الشافعي: فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل، فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت، فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قولي. وجعل يردده.

وروى الدارمي عن الشعبي قال: ما حدثك هؤلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فخذ بيده، وما قالوا برأيهم فألقه في الحش. وذكر ابن الصلاح عن أبي داود أنه قال: لأن أعمل بحديث ضعيف خير من أن أعمل بآراء هؤلاء الرجال. لفظ هذا معناه، {واللَّهُ يَقُولُ الحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}.

الحديث العاشر عن أبي بن كعب رضي الله عنه: قوله: في قول الله عز وجل ((أي ذكر في تفسيره قول الله عز وجل: أزواجاً)) أصنافاً، ((غب)): يقال: زوج لكل ما يقترن بآخر، قال الله

<<  <  ج: ص:  >  >>