للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٠٨١ - وعن سعد بن أبي وقاص، قال: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي عثمان بن معظون التبتل ولو أذن له لاختصينا. متفق عليه.

ــ

بها مؤن النكاح، سميت باسم ما يلازمها. ولا بد من أحد التأويلين؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن لم يستطع)) عطف علي قوله: ((من استطاع)) ولو حمل ((الباءة)) علي الجماع لم يستقم قوله: ((فإن الصوم له وجاء))؛ لأنه لا يقال للعاجز هذا، وإنما يستقيم إذا قيل: أيها القادر المتمكن من الشهوة! إن حصلت لك مؤن النكاح فتزوج وإلا فصم، ولهذا خص النداء بـ ((الشباب)). والوجاء – بكسر الواو والمد – رض الخصيتين، أي الصوم يقطع الشهوة وشر المني، كما يفعل الوجاء، كان من الظاهر أن يقول: ومن لم يستطع فعليه بالجوع، وقلة ما يزيد في الشهوة وطغيان الماء من الطعام، فعدل إلي الصوم إدماجاً لمعنى عبادة هي برأسها مطلوبة، وليؤذن أن المطلوب من نفس الصوم الجوع وكسر الشهوة، وكم من صائم يمتلئ معي قال أبو عبيدة: ((فعليه بالصوم)) إغراء غائب، ولا تكاد العرب تغري إلا الشاهد. تقول: عليك زيداً ودونك عمراً، ولا تقول: عليه زيداً، إلا في هذا الحديث – انتهي كلامه.

ولما كان الضمير الغائب راجعاً إلي لفظة ((من)) وهي عبارة عن المخاطبين في قوله: ((يا معشر الشباب)) وبين بقوله: ((منكم)) جاز؛ لأنه بمنزلة الخطاب، وفي عكسه قول القائل: أنا الذي سمتني أمي حيدرة.

((مح)): فيه الأمر بالنكاح لمن استطاعه وتاقت إليه نفسه، فهو عندنا علي سبيل الندب؛ فلا يلزمه التزويج ولا التسري سواء خاف العنت أم لا، وأوجبه داود من وافقه من أهل الظاهر رواية عن أحمد. قال الإمام المازري: حجة الجمهور قوله تعالي: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ - إلي قوله - أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} الآية؛ لأن الله سبحانه وتعالي خيره بين النكاح والتسري؛ ولا يجب التسري بالاتفاق، فلو كان النكاح واجباً لما خيره بينه وبين التسري لأنه لا يصح التخيير بين واجب وغيره؛ لأنه يؤدي إلي إبطال حقيقة الواجب وأن تاركه لا يكون آثماً. والناس في النكاح علي أربعة أقسام؛ لأنه لا يخلو من أن يكون تائقاً إليه أم لا، والأول إما أن يجد المؤن والأسباب أم لا، فإن وجد فيستحب له النكاح، وإن لم يجد فعليه الصوم، والثاني إما أن يجد المؤن والأسباب أم لا، فإن وجد فالأولي له ترك النكاح والتخلي للعبادة عند الجمهور، ومذهب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي ومالك أن النكاح له أفضل، وإن لم يجد فيكره له النكاح.

الحديث الثاني عن سعد: قوله: ((التبتل)) ((حس)): التبتل الانقطاع عن النساء وترك النكاح،

<<  <  ج: ص:  >  >>