سودة وفي تصنع طيبا وعندها نساء، فأخلينه، فقضى حاجته، ثم قال:((أيما رجل رأي امرأة تعجبه فليقم إلي أهله؛ فإن معها مثل الذي معها)) رواه الدارمي. [٣١٠٨]
٣١٠٩ - وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان)) رواه الترمذي. [٣١٠٩]
ــ
الحديث الثالث عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((فإن معها مثل الذي معها)) يريد أن غاية ذلك النظر هذا الفعل، ولكن التفاوت أن في تلك الغاية سخطا من الله وغضبا وهذه بخلافه، وكانت تلك الفعلة بمحضر تلك النساء إرشادا لهن ولأزواجهن إلي ما ينبغي أن يفعل.
الحديث الرابع عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((المرأة عورة)) ((تو)): العورة السوءة وكل ما يستحيي منه، وأصلها من العار المذمة ولذلك سمي النساء عورة، أي أن المرأة موصوفة بهذه الصفة، وما كان هذه صفته فمن حقه أن يستر، ويحتمل أن يكون معناه أنها ذات عورة، ولما كان من شأن العورة أن تكون مستورة محجوبة يستحيي من كشفها، ويستنكف من هتك حرمتها، وكان من شأن المرأة في تبرزها وتبرجها شبيها بكشف العورة سماها هنالك عورة. والأصل في الاستشراف رفع البصر للنظر إلي الشيء، وبسط الكف فوق الحاجب، ومنه قول الحماسي:
فيا عجبا للناس يستشرفونني كأن لم يروا بعدي محبا ولا قبلي
وفي الحديث وجوه: أحدهما: أن ينظر إليها ويطمح ببصر نحوها ليغويها أو يغوى بها.
وثإنيها: أن أهل الريبة إذا رأوها بارزة من خدرها استشرفوها؛ لما بث الشيطان في نفوسهم من الشر وألقى في قلوبهم من الزيغ، فأضاف الفعل إلي الشيطان لكونه الباعث علي استشرافهم إياها. وثالثها: أنه يود أنها علي شرف الأرض لتكون معرضة له. ورابعها: أنه أراد أن الشيطان يصيبها بعينه فتصير من الخبيثات بعد أن كانت من الطيبات. من قولهم: استشرفت إبلهم أي تعينتها. هذا الذي اهتدينا إليه من البيان، والعجب ممن يتصدى لبيان المشكل وتفسير الغريب، ثم يمر علي مثل هذا القول غير مكترث به! ولقد فتشت أمهات الكتب التي صنفت في هذا الفن عن بيان هذا الحديث، فلم أصادف أحدا منهم تعرض له بكلمة.
أقول: المرأة عورة سواء كانت في خدرها أو خارجة عنه، وفي هذا المقام ينبغي أن تحمل العورة علي معنى ما يخالف استشراف الشيطان إياها، يعني ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس بها، فإذا خرجت طمع وأطمع؛ لأنها حبائل الشيطان، فإذا