فقلنا: ألا نختصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن نستمتع، فكان أحدنا ينكح المرأة بالثوب إلي أجل، ثم قرأ عبد الله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}. متفق عليه.
٣١٥٨ - وعن ابن عباس، قال: إنما كانت المتعة في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم، فتحفظ له متاعه، وتصلح له شيه، حتى إذا نزلت الآية {إلَاّ عَلي أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} قال ابن عباس: فكل فرج سواهما فهو حرام. رواه الترمذي. [٣١٥٨]
٣١٥٩ - وعن عامر بن سعد، قال: دخلت علي قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس وإذا جوار يغنين، فلت: أي صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بدر! يفعل هذا عندكم؟ فقالا: اجلس إن شئت فاسمع معنا، وإن شئت فاذهب؛ فإنه قد رخص لنا في اللهو عند العرس. رواه النسائي. [٣١٥٩]
ــ
يعتقد إباحتها كابن عباس رضي الله عنهما، ولم يبلغه في نص، فلما استبان لابن عباس ذلك من قول سعيد بن جبير حين قال ما قال، رجع عن ذلك كما سيأتي. ولعل ابن مسعود رجع عن ذلك، أو استمر عليه لما يبلغه النص.
الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: {إلَاّ عَلي أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} يريد أن الله تعالي وصفهم بأنهم يحفظون فروجهم عن جميع الفروج إلا عن الأزواج والسراري، والمتمتعة ليس منهما؛ لأن حكم الأزواج من التوريث والإيراث غير جار عليها، ولا هي مملوكة بل هي مستأجرة نفسها أياما معدودة، فلا تدخل تحت الحكم. ذكر الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره: أن المستمتعة ليست زوجة له، فوجب أن لا تحل له، وإنما قلنا: إنها ليست زوجة له؛ لأنهما لا يتوارثان بالإجماع، ولو كانت زوجة له لحصل التوارث؛ لقوله تعالي:{ولَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}، وإذا ثبت أنها ليست زوجة له وجب أن لا تحل لله، لقوله تعالي:{إلَاّ عَلي أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}
الحديث الثالث عن عامر بن سعد: قوله: ((وأهل بدر!)) خصم به؛ لأن أهل بدر هم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار. كأنه قيل: كيف يفعل هذا بين أيديكم – وأنتم من أجلة الصحابة – ولم تنكروه وهو بعيد منكم ومناف لحالكم.