٣٢١٨ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء، ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله)) متفق عليه.
٣٢١٩ - وعن أبي مسعود الأنصاري، قال: كان رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب، كان له غلام لحام، فقال: اصنع لي طعاماً يكفي خمسة، لعلي أدعو النبي صلى الله عليه وسلم خامس خمسة، فصنع له طعيما ثم أتاه فدعاه، فتبعهم رجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((يا أبا شعيب! إن رجلاً تبعنا، فإن شئت أذنت له، وإن شئت تركته)) قال: لا، بل أذنت له. متفق عليه
ــ
الحديث الثامن والتاسع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((شر الطعام طعام الوليمة)) ((قض)): يريد من شر الطعام [فإن من الطعام] ما يكون شراً منه، ونظيره: شر الناس من أكل وحده. وإنما سماه شراً لما ذكر عقيبه؛ فإن الغالب فيها، فكأنه قال: شر الطعام طعام الوليمة التي من شأنها هذا، فاللفظ وإن أطلق فالمراد به التقييد بما ذكر عقيبه، وكيف يريد به الإطلاق وقد أمر باتخاذ الوليمة وإجابة الداعي إليها، ورتب العصيان علي تركها؟ ولذلك قيل بوجوب الإجابة. أقول: التعريف في ((الوليمة)) للعهد الخارجي، وكان من عادتهم مراعاة الأغنياء فيها وتخصيصهم بالدعوة، وإيثارهم وتطييب الطعام لهم، ورفع مجالسهم وتقديمهم وغير ذلك مما هو الغالب في الولائم.
وقوله:((يدعى)) إلي آخره استئناف بيان لكونها شر الطعام، وعلي هذا لا يحتاج إلي تقدير ((من)) لأن الرياء شرك خفي، ((ومن ترك الدعوة)) حال، والعامل ((يدعى)) يعني يدعى لها الأغنياء، والحال أن الإجابة واجبة، فيجيب المدعو ويأكل شر الطعام.
الحديث العاشر عن أبي مسعود: قوله: ((خامس خمسة)) أي أحد خمسة، كقوله تعالي:{ثَإني اثْنَيْنِ}. قوله:((فإن شئت أذنت له)) ((حس)): فيه دليل علي أنه لا يحل طعام الضيافة لمن لم يدع إليها. وذهب قوم إلي أن الرجل إذا قدم إليه طعام وخلي بينه وبينه، فإنه يتخير إن شاء أكل وإن شاء أطعم غيره وإن شاء حمله إلي منزله؛ فأما إذا جلس علي مائدة كان له أن يأكل بالمعروف، ولا يحمل شيئاً، ولا يطعم غيره منها. وقد استحسن بعض أهل العلم أن يتناول أهل المائدة الواحدة بعضهم بعضاً شيئاً. فإن كانوا علي مائدتين لم يجز. وذهب بعضهم إلي أن من قدم إلي رجل طعاماً ليأكله فإنه لا يجرى مجرى التمليك، وأن له أن يحول بينه وبينه إذا شاء. ((مظ)): هذا تصريح منه صلى الله عليه وسلم علي أنه لا يجوز لأحد أن يدخل دار غيره