يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية. قالت: أفيك يا رسول الله! أستشير أبوي؟ بل اختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت. قال:((لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتاً، ولا متعنتاً، ولكن يعثني معلماً ميسراً)). رواه مسلم.
٣٢٥٠ - وعن عائشة، قالت: كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله
ــ
مقابلاً لقوله:{إن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وزِينَتَهَا} فجعل مقدمته قوله: ((الله ورسوله)) دلالة علي أن رضي الله تعالي ورسوله منوط بإيثار الدار الآخرة علي الدنيا، وجعل جواب الشرط الأول التمتع من الدنيا مع التسريح المفضي إلي الحرمان عن حضرة هي مهبط الوحي السماوي والفيض الإلهي، وجواب الشرط الثاني إعداد الله أجراً عظيماً، والتنكير فيه والوصف بالعظم يدل علي أنه أجر لا يقادر قدره ولا يدرك كنهه، ووضع المظهر موضع المضمر في ((الله)) و ((المحسنات))؛ لأن {منكن} للبيان لا للتبعيض إشعاراً بتفخيم الثواب، فإن المثيب إذا كان الله، والمثاب عليه المحسنات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فما بال الثواب؟
وكان جواب الصديقة بنت الصديق مناسباً للآية حيث قالت:((أفيك يا رسول الله أستشير؟ بل أختار الله ورسوله)) فجعلت مقدمة الجواب مقرونة بهمزة الإنكار الداخلة علي الجار والمجرور المزال عن مقره؛ ليدل علي أن الاستشارة في كل الأمور مستحسنة؛ أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا. ثم قالت:((أختار الله ورسوله))، ولم تقل: أختارك؛ ليطابق قوله تعالي: {وإن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ