فقال:((إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوات الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه))، ثم أقبل بوجهه علينا، فقال:((تعوذوا بالله من عذاب النار)). قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. قال:((تعوذوا بالله من عذاب القبر)). قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال:((تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن)). قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قال:((تعوذوا بالله من فتنة الدجال)). قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال. رواه مسلم [١٢٩].
الفصل الثاني
١٣٠ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قبر الميت أتاه ملكان
ــ
ويهلك. قوله: ((الذي)) مفعول و ((أن يسمعكم من عذاب القبر)) بيان له، حال منه متقدم عليه، و ((بوجهه)) تأكيد لقوله: ((أقبل)) كقولك: نظرت بعيني، لمزيد الاهتمام بشأن التذكير. وقوله:((ما ظهر منها وما بطن)) عبارة عن شمولها؛ لأن الفتنة لا تخلو من هذين الأمرين، عمم بعد التخصيص تأكيداً وتقريراً، ثم خص ذكر الرجال كالمستدرك لما فاته، والله أعلم بالصواب.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((إذا أقبر)) أي أدفن، ((أسودان أزرقان)) الشارحون: أراد بالسواد سواد منظرهما، والزرقة زرقة أعينهما، وذلك لما في لون السواد وزرقة العين من الهول والنكير، والزرقة أبغض ألوان العيون إلى العرب؛ لأن الروم أعداؤهم وهو زرق العيون، ولذلك قالوا في صفة العدو: أسود الكبد أزرق العينين. ويحتمل أن يكون المراد قبح المنظر وفظاعة الصورة، يقال: كلمت فلاناً فما رد على سوداء ولا بيضاء، أي فما أجابني بكلمة قبيحة ولا حسنة. والزرقة تقليب البصر وتحديد المنظر، يقال: زرقت عيناه إذا انقلبت وظهر بياضها، وهي كناية عن شدة الغضب؛ فإن الغضبان ينظر إلى المغضوب عليه شزراً بحيث تنقلب عينيه. ويحتمل أن يراد بالزرقة العمى؛ فإن العين إذا ذهب نورها أزرقت، قال الله تعالى:{ونَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} أي عمياً عيونهم لا نور لها، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر:((فيفيض له أعمى وأصم)).