للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢٩٣ - وعن مالك، بلغه أن رجلاً قال: لعبد الله بن عباس: إني طلقت امرأتي مائة تطليقة، فماذا ترى علي؟ فقال ابن عباس: طلقت منك بثلاث، وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزواً. رواه في ((الموطأ)).

٣٢٩٤ - وعن معاذ بن جبل، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معاذ! ما خلق الله شيئاً علي وجه الأرض أحب إليه من العتاق، ولا خلق الله شيئاً علي وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق)) رواه الدارقطني. [٣٢٩٤]

ــ

كقوله تعالي: {ثُمَّ ارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ} أي كرة بعد كرة لا كرتين اثنتين. ومعنى قوله تعالي: {فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} تخيير لهم – بعد أن علمهم كيف يطلقون – بين أن يمسكوا النساء بحسن العشرة والقيام بواجبهن، وبين أن يسرحوهن السراح الجميل الذي علمهم. والحكمة في التفريق دون الجمع ما ثبت في قوله تعالي: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} وأن الزوج إذا فرق يقلب الله قلبه من بغضها إلي محبتها، ومن الرغبة عنها إلي الرغبة فيها، ومن عزيمة الطلاق إلي الندم عليه، فيراجعها.

((مح)): اختلفوا فيمن قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً، فقال مالك والشافعي وأحمد والجمهور من السلف والخلف: تقع الثلاث. وقال طاوس وبعض أهل الظاهر: لا تقع إلا واحدة. وقال ابن مقاتل وفي رواية عن محمد بن إسحاق: إنه لا يقع شيء. واحتج الجمهور بقوله تعالي: {ومَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} يعني أن المطلق قد يحدث له ندم فلا يمكنه التدارك لوقوع البينونة، فلو كانت الثلاث لا تقع لم يقع هذا إلا رجعياً، فلا يتوجه هذا التهديد، وبحديث ركانة أنه طلق امرأته البتة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((والله ما أردت إلا واحدة؟ قال: والله ما أردت إلا واحدة))، فهذا دليل علي أنه لو أراد الثلاث لواقعن، وإلا لم يكن لتحليفه معنى. وأما الجمع بين التطليقات الثلاث دفعة فليس بحرام عندنا، لكن الأولي تفريقها، وبه قال أحمد وأبو ثور. وقال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة والليث: هو بدعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>