العقد كما قيل، بل لو استدل به علي صحته من حيث إنه سمي العاقد محللا، وذلك إنما يكون إذا كان العقد صحيحاً، فإن الفاسد لا يحلل. هذا إذا أطلق العقد، فإن شرط فيه الطلاق بعد الدخول ففيه خلاف، والأظهر بطلانه.
الحديث الثاني عن سليمان: قوله: ((يوقف المؤلي)) ((قض)): إنما أورد هذا الحديث والذي بعده في هذا الباب؛ لما بين الإيلاء وبين الطلاق من المناسبة. ((حس)): الإيلاء هو أن يحلف الرجل أن لا يقرب امرأته أكثر من أربعة أشهر، فلا يتعرض له قبل مضي أربعة أشهر، فإذا مضت فاختلفوا فيه، فذهب أكثر الصحابة إلي أنه لا يقع الطلاق بمضيها، بل يوقف، فإما أن يفيء ويكفر عن يمينه، [وإما أن يطلق] وهو قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق. قال الشافعي: فإن طلقها، وإلا طلق عليه السلطان واحدة. وقال بعض أهل العلم: فإذا مضت أربعة أشهر وقعت طلقة بائنة، وهو قول الثوري وأصحاب أبي حنيفة. وأما علي قول من قال بالوقف، فلا يكون مؤلياً؛ لأن الوقف يكون في حال إبقاء اليمين، وقد ارتفعت هاهنا بمضي أربعة أشهر. أما إذا حلف علي أقل من أربعة أشهر فلا يثبت حكم الإيلاء، بل هو حالف. والله أعلم.
((تو)): ذهب بعض الصحابة وبعض من بعدهم من أهل العلم، أن المؤلي عن امرأته إذا مضى عليه مدة الإيلاء – وهي عند بعضهم أكثر من أربعة أشهر – وقف، فإما أن يفيء وإما أن يطلق، وإن أبي طلق عليه الحاكم. وذلك شيء استنبطوه من الآية رأياً واجتهاداً. وخالفهم آخرون فقالوا: الإيلاء أربعة أشهر. فإذا انقضت بانت منه بتطليقة. وهو مذهب أبي حنيفة. وهو الذي تقتضيه الآية. قال الله تعالي:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإن فَاءُوا فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}((فإن فاءوا)) يعني في الأشهر. وفي حرف ابن مسعود ((فإن فاءوا فيهن)) والتربص الانتظار أي ينتظر بهم إلي مضي تلك الأشهر. {وإنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ