عليه، فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك)). رواه الترمذي [١٣٠].
١٣١ - وعن البراء بن عازب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:((يأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولون له: من ربك؟ فيقول: ربي الله. فيقولون له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام. فيقولون: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله. فيقولون له: وما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت؛ فذلك قوله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) الآية. قال: فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، ويفتح. قال:
ــ
الحديث الثاني عن البراء رضي الله عنه: قوله: ((ما هذا الرجل؟)) أي ما وصف هذا الرجل؛ لأن ((ما)) يسأل به عن الوصف أي أرسول هو أم ما تقول في حقه؟ فإن قيل: قوله: ((قرأت كتاب الله فآمنت به)) يدل على أن الإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام مسبوقاً بقرائته كتاب الله فهو غير مستقيم؛ لأنه ما لم يعرف صدق الرسول لم يعرف أن القرآن حق؟ قلنا: المراد قرأت كتاب الله، ورأيت ما فيه من الفصاحة والبلاغة ما يعجز عنه البشر، ويفوت دونه القوى والقدر – فعملت أنه ليس من كلام البشر فآمنت به، أو تفكرت فيما فيه من البعث على مكارم الأخلاق، وفواضل الأعمال، وما فيه من ذكر الغيوب والإخبار عن الأمم السالفة عن غير أن يسمعه من واحد، أو يقرأ كتاباً – فعلمت أنه من عند الله، وآمنت به، وذلك قوله:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وفِي الآخِرَةِ} قد سبق في الحديث الأول من هذا الباب أن ذلك إشارة إلى سرعة الجواب، وأنها مسببة عن تثبيت الله إياه، وههنا إشارة إلى السرعة مع السؤال المكرر، والجواب المبسوط من غير انقباض ودهشة، بل مع وفور نشاط واستبشار.
قوله:((فأفرشوه)) بألف القطع أي اجعلوا له فرشاً من فرش الجنة، ولم نجد الإفراش على هذا المعنى في المصادر، وإنما هو أفرش أي أقلع عنه وأقفل، فأفرش بهذا اللفظ على هذا المعنى من الباب القياسي الذي ألحق الألف بثلاثيه، ولو كان من الباب الثلاثي لكان من حقه أن يروى بألف الوصل، والمعنى ابسطوا له، ولم يجد الرواية إلا بالقطع.