فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له فيها مد بصره. وأما الكافر فذكر موته، قال: ويعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان، فيجلسانه فيقولان: من ربك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري! فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري! فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري! فينادي مناد من السماء: أن كذب فأفرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له بابا إلى النار. قال: فيأتيه م حرها وسمومها. قال: ويضيق عليه قبره حتى يختلف فيه أضلاعه، ثم يقيض له أعمى أصم، معه مرزبة من حديد، لو ضرب بها جبل لصار تراباً، فيضربه بها ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين، فيصير تراباً، ثم يعاد فيه الروح)) رواه أحمد، وأبو داود [١٣١].
ــ
قوله:((فيأتيه من روحها)) أي فيأتيه روحها على مذهب الأخفش، أو بعض روحها أو شيء من روحها، فلم يؤت به إلا ليفيد أنه مما لا يقادر قدره ولا يوصف كنهه.
قوله:((ويفسح له فيها مد بصره)) أي مداه، وهي الغاية التي ينتهي إليها بصره فإن قيل: كيف التوفيق بين قوله: ((ويفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين)) وبين قوله: ((ويفسح له مد بصره))؟ قلنا: إنما عبر بقوله: ((ويفسح له)) عن توسيع مرقده عليه، ويقول: يفسح مد بصره عما يعرض عليه وينظر إليه من رياض الجنة وروحها، ويحتمل أن تكون الكلمتان عبارتين عن فسحة القبر.
قوله:((فذكر موته)) يريد الراوي أن رسول الله عليه الصلاة والسلام ذكر ألفاظاً في شأن موت الكافر، ثم قال:((ويعاد روحه)) ((مظ)): ((هاه هاه)): هذه الكلمة يقولها المتحير في الكلام م الخوف والدهشة، و ((أن كذب)) أي كذب فيما قاله: ((لا أدري)) لأن دين الله، ونبوة رسوله صلى الله عليه وسلم كان ظاهراً في مشارق الأرض ومغاربها، وتغلغل في كل بيت مدر ووبر. و ((أن)) يجوز أن تكون مفسرة لما في ((ينادي)) من معنى القول، وأن تكون مصدرية مجرورة لـ ((أن كذب)) فالعامل ((فأفرشوه)) والفاء في قوله تعالى: {لإيلافِ قُرَيْشٍ – إلى قوله - فَلْيَعْبُدُوا} وهي جواب شرط محذوف، وكذلك في ((أن صدق عبدي)) سمى المؤمن عبداً، وأضافه إلى نفسه تعالى