٣٣٣٨ - عن أبي سعيد الخدري، رفعه إلي النبي صلى الله عليه وسلم، قال في سبايا اوطاس:((لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة)) رواه أحمد، وأبو داود، والدارمي. [٤٣٣٨]
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي سعيد: قوله: ((في سبايا)) ((حس)) فيه أنواع من الفقه، منها: أن الزوجين إذا سبيا أو أحدهما يرتفع بينهما النكاح، ولم يختلف العلماء في سبي أحد الزوجين دون الآخر أنه يوجب ارتفاع النكاح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أباح وطأهن بعد وضع الحمل أو مرور حيضة بها، من غير فصل بين ذوات أزواج وغيرها، وبين من سبيت منهن مع الزوج أو وحدها، وكان في ذلك السبي كل هذه الأنواع، فدل أن الحكم في جميع ذلك واحد، والي هذا ذهب مالك والشافعي، وقال أصحاب أبي حنيفة: إذا سبيا معا فهما علي نكاحهما.
ومنها: أن وطء الحبالي من السبايا لا يجوز. ومنها: بيان أن استبراء الحامل يكون بوضع الحمل، واستبراء غير الحامل ممن كانت تحيض بحيضة بخلاف العدة؛ فإنها تكون بالأطهار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث عمر:((يطلقها طاهرا قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)) فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم العدة بالأطهار والاستبراء بالحيض. ومنها: بيان أنه لا بد من حيضة كاملة بعد حدوث الملك، حتى لو اشتراها وهي حائض لا يعتد بتلك الحيضة. وقال الحسن: إذا اشتراها حائضا أجرأت عن الاستبراء. وإن كانت الأمة ممن لا تحيض فاستبراؤها بمضي شهر. وقال الزهري: بثلاثة أشهر. وفيه مستدل لمن ذهب إلي أن الحامل لا تحيض، وأن الذم الذي تراه الحامل لا يكون حيضا، وإن كان في حينه وعلي وصفه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الحيض دليل براءة الرحم. وفيه أن استحداث الملك في الأمة يوجب الاستبراء، سواء كانت بكرا أو ثيبا تملكها من رجل أو امرأة. وكذلك المكاتبة إذا عجزت، والمبيعة إذا عادت إلي بائعها بإقالة، أو ردت بعيب، فل يحل وطأها إلا بعد الاستبراء.
واتفق أهل العلم علي تحريم الوطء علي المالك في زمان الاستبراء. واختلفوا في المباشرة سوى الوطء. فذهب قوم إلي تحريمها وهو كالوطء. وهو قول الشافعي، وله قول آخر إنها تحرم في المشتراة ولا تحرم في المسبية؛ لأن المشتراة ربما تكون حاملا بولد الغير فلم يملكها المشتري، والحمل في المسبية لا يمنع الملك والله أعلم.