((مح)): المراد بقوله: ((النفس بالنفس)) القصاص بشرطه، قد يستدل به أصحاب أبي حنيفة في قولهم: يقتل المسلم بالذمي والحر بالعبد، والجمهور علي خلافه، منهم مالك والشافعي والليث وأحمد. وأما قوله صلى الله عليه وسلم:((التارك لدينه المفارق للجماعة)) فهو عام في كل من ارتد عن الإسلام بأية ردة كانت، فيجب قتله إن لم يرجع إلي الإسلام. قالوا: ويتناول كل خارج عن الجماعة ببدعة أو نفي إجماع، كالروافض والخوارج وغيرهما. وقد خص من هذا العام الصائل ونحوه فيباح قتله في الدفع، وقد يجاب عن هذا بأنه داخل في المفارق للجماعة، ويكون المراد لا يحل تعمد قتله قصداً إلا في هذه الثلاثة.
أقول: هذا التقرير أبين من تقرير القاضي؛ لأن الشيخ جعل قوله:((النفس بالنفس)) كناية عن القصاص كأنه قيل لا يحل تعمد قتله قصداً بسبب من الأسباب إلا بسبب القصاص أو بالزنا بشرط الإحصان أو بالارتداد، وسمى المارق لدينا مسلما؛ لأنه مستثنى من قوله:((لا يحل دم امرئ مسلم)) مجازاً باعتبار ما كان عليه.
الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((في فسحة)) أي سعة من دينه ترجى رحمة الله ولطفه، ولو باشر الكبائر سوى القتل، فإذا قتل ضاقت عليه ودخل في زمرة الآيسين من رحمة الله تعالي، كما ورد في حديث أبي هريرة ((من أعان علي قتل مؤمن، ولو بشطر كلمة، لقي الله مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله)). وقيل: المراد بـ ((شطر الكلمة)) قوله: اق. وهو من باب التغليظ، ويجوز أن ينزل معنى الحديث علي معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الفصل الثاني:((لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً)) أي المؤمن لا يزال موفقاً للخيرات مسارعاً إليها ((ما لم يصب دماً حراماً)) فإذا أصاب ذلك أعيي وانقطع عنه ذلك بشؤم ما ارتكب من الإثم.
الحديث الثالث عن عبد الله: قوله: ((أول ما يقضي)) ((مح)): هذا لتعظيم أمر الدماء وتأثير خطرها، وليس هذا الحديث مخالفاً لقوله:((أول ما يحاسب به العبد صلاته)) لأن ذلك في حق الله تعالي، وهذا فيما بين العباد.
الحديث الرابع عن المقداد: قوله: ((ثم لاذ مني بشجرة)) ((قض)): اللياذ العياذ. قوله: ((لا