فقال: أسلمت لله – وفي رواية: فلما أهويت لأقتله قال: لا إله إلا الله – أأقتله بعد أن قالها؟ قال:((لا تقتله)). فقال: يا رسول الله! إن قطع إحدى يدي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لا تقتله)). فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال)). متفق عليه.
٣٤٥٠ - وعن أسامة بن زيد، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي أناس من جهينة،
ــ
تقتله)) يستلزم الحكم بإسلامه، ويستفاد منه صحة إسلام المكره، وأن الكافر إذا قال: أسلمت أو أنا مسلم حكم بإسلامه، ومن نهيه عن القتل والتعريض له ثإنياً بعد ما كرر أنه قطع إحدى يديه، أن الحربي إذا جني علم مسلم ثم أسلم لم يؤاخذ بالقصاص؛ إذا لو وجب لرخص له في قطع إحدى يديه قصاصاً. وقوله:((فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله)) لأنه صار مسلما معصوم الدم كما كنت معصوماً قبل أن فعلت فعلتك التي أباحت دمك قصاصاً، فإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها؛ لأنك صرت مباح الدم كما كان هو مباح الدم قبل الإسلام. ولكن السبب يختلف، فإن إباحة دم القاتل بحق القصاص وإباحة دم الكافر بحق الإسلام. وقد تمسك به الخوارج علي تكفير المسلم بارتكاب الكبائر، وحسبوا أن المعنى به المماثلة في الكفر وهو خطأ؛ لأنه تعالي عد القاتل عمداً من أعداد المؤمنين، بل المراد ما ذكرناه.
أقول: ولو حمل علي التغليظ والتشديد كما في قوله تعالي: {ولِلَّهِ عَلي النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً ومَن كَفَرَ}، وقوله تعالي:{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَاّ بَيْعٌ فِيهِ ولا خُلَّةٌ ولا شَفَاعَةٌ والْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} لجاز؛ فإنه جعل تارك الحج والزكاة في الآيتين من زمرة الكافرين تغليظاً وتشديداً، وإيذاناً بأن ذلك من أوصاف الكفار فينبغي للمسلم أن يحترز منه. وهذا المقام يقتضيه، لأنه أزجر وأردع مما ذهبوا إليه من إهدار الدم؛ ولأن جعله بمنزلة تصريح بأنه ليس علي الحقيقة بل نازل منزلته في الأمر الفظيع الشنيع، وكذلك هو بمنزلتك في الإيمان بواسطة تكلمه بكلمة الشهادة توهيناً لفعله وتعظيما لقوله، والأحاديث السابقة واللاحقة تشهد بصحة ذلك. والله أعلم.
ويقرب منه ما ذكره القاضي عياض، قيل: معناه أنك مثله في مخالفة الأمر وارتكاب الإثم، وإن اختلف الإثمان فيسمى إثمه كفراً وإثمك معصية. قوله:((أهويت لأقتله)) أهويت بالشيء إذا أو مأت به، ويقال: أهويت له بالسيف.
الحديث الخامس عن أسامة: قوله: ((فهلا شققت)) ((مح)): معناه أنك إنما كلفت العمل